للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلنا (١): الفرق بينهما: هو أن الإقالة لا تصح بدون القبول كالبيع، والقيام عن المجلس دلالة للإعراض (٢) والرد، فلا يصح بعد القيام عن المجلس لذلك، وهذا لأن الإقالة وإن كانت ضد البيع ولكن في حق ارتباط أحد اللفظين بالآخر فهو نظيره، فاعتبرت به لكونها نظيرة له في ذلك الحكم (٣) على ما قلنا.

وأما الشرط الفاسد إذا وجد في العقد صار العقد به ربًا؛ لأن الزيادة يمكن إثباتها في هذا العقد.

وأما الإقالة فرفع ما كان، ورفع ما كان زائدًا على ما كان لا يتصور؛ فلذلك لم يؤثر الشرط الفاسد في الإقالة، إلى هذا أشار في الإيضاح (٤).

أو نقول: إن الإقالة لا تبطل بالشروط الفاسدة؛ لأن الشرط يشبه الربا، لأن فيه منعًا لأحد المتعاقدين وهو مستحق بعقد (٥) المعاوضة (٦)، خال عن العوض، والإقالة تشبه (٧) البيع من حيث المعنى، وكان الشرط الفاسد فيها شبهة [شبهتهم] الربا، فلا يؤثر في صحة الإقالة كما لا يؤثر (٨) شبهة الشبهة في صحة البيع (٩).

ثم هذا الذي ذكره بأن الإقالة لا تبطل بالشروط الفاسدة هو قول أبي حنيفة -رحمه الله (١٠) -.

فأما (١١) عند أبي يوسف -رحمه الله- فإنها تبطل بالشروط الفاسدة؛ لأن الإقالة عنده بيع فيفسد هي كما يفسد سائر البياعات، حتى لو اشترى أمةً بألف درهم وعبدًا بألف درهم، كل واحد منهما في صفقة على حدة، وتقابضا ثم اصطلحا على أن إقالة البيع في الأمة على أن زاده (١٢) مائة درهم في ثمن العبد لم يجز (١٣) الزيادة؛ لأنه أوجب له هذه الزيادة عوضاً عن الإقالة في الأمة، والاعتياض (١٤) عن الإقالة لا يصح، وجازت الإقالة في قول أبي حنيفة -رضي الله عنه-؛ لأن الإقالة عنده فسخ فلا يبطل بالشرط الفاسد، وعند أبي يوسف -رحمه الله- لا يجوز الإقالة؛ لأن الإقالة عنده بيع فيبطل بالشرط الفاسد.


(١) في (ت): قلت.
(٢) في (ت): الإعراض.
(٣) الحكم: هو الأثر المترتب على خطاب الله تعالى، انظر: الإحكام في أصول الأحكام لأبي الحسن الآمدي، المحقق: عبد الرزاق عفيفي، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- لبنان (١/ ٩٥).
(٤) "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" للزيلعي (٤/ ٧١).
(٥) في (ت): بحق.
(٦) المعاوضة: بضم الميم وفتح الواو من اعتاض، ومنه: أخذ العوض، أي البدل. ينظر: (معجم لغة الفقهاء ص ٤٣٨).
(٧) في (ت): تشبه.
(٨) في (ت): تؤثر.
(٩) "البناية شرح الهداية" (٨/ ٢٢٧).
(١٠) "تحفة الفقهاء" للسمرقندي (٢/ ١٩)، و"فتح القدير" لابن الهمام (٦/ ٤٩٠).
(١١) في (ت): وأما.
(١٢) في (ت): يزيده.
(١٣) في (ت): تجب.
(١٤) الاعتياض: من عوض، أخذ العوض وهو البدل. معجم لغة الفقهاء لمحمد رواس قلعجي - حامد صادق قنيبي، الناشر: دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية، ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م (١/ ٧٦).