للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحديث عائشة (١) -رضي الله عنها- يدل على الطهارة فأثبتنا [حكم] (٢) الكراهة عملاً بهما.

«وكان الطحاوي [يقول] (٣): كراهة سؤرها [كحرمة] (٤) لحمها، وهذا يدل على أنه إلى التحريم أقرب.

وقال الكرخي: كراهة سؤرها؛ لأنها تتناول الجيف فلا يخلو فمها عن نجاسة عادةً، وهذا يدل على أن الكراهة كراهة تنزيه وهو الأصح، والأقرب إلى موافقة الأثر» (٥).

وأما قوله: يجوز اقتناؤها على الإطلاق.

قلنا: جواز اقتنائها على الإطلاق دليل على طهارته، ونحن ما أوجبنا الكراهة لنجاستها؛ بل لتوهم النجاسة على فمها كما كرهنا الماء الذي أدخل [فيه] (٦) الصبي يده.

/ ١٥/ ب/ وذكر فخر الإسلام -رحمه الله- في «الجامع الصغير» (٧): ودليل الكراهة في سؤر الهرة إجماعهم في الفأرة والحية أن سؤرهما يكره، وإنما أخذ حكمهما من الهرة فلا يصح أن يفارق حكم [الفرع] (٨) الأصل، ولأنها تأكل الفأرة في [العادات] (٩) فيتنجس فمها غير أن الغسل متعذر فسقطت نجاستها وبقيت الكراهة، والحديث محمول على أنها لم تأكل الفأرة، ومما يجب حفظه أن الهرة إذا لحست عضوًا لم ينبغ أن يستهان به فيصلي من غير غسل؛ لأن ذلك مكروه.

وذكر شمس الأئمة -رحمه الله- في «الجامع الصغير» (١٠): وبهذا يتبين جهل العوام أنهم يتركون الهرة [لتدخل] (١١) تحت [لحافهم] (١٢) وتلحسهم ولا يغسلون ذلك الموضع، وذلك مكروه عند أبي حنيفة -رحمه الله-، ويضعون الطعام بين يدي الهرة [فتأكل] (١٣) بعضه فيرفع الجاهل ذلك ويأكله وذلك مكروه ويظنه أنه أكرم الخبز.


(١) المبسوط (١/ ٥١) باب الوضوء والغسل.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): «يرى».
(٤) في (ب): «لحرمة».
(٥) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١/ ١٢٧) الفصل الرابع في المياه التي يجوز التوضؤ بها، والجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٢٠) الأغسال المسنونة، والبناية شرح الهداية (١/ ٤٨٦) سؤر الهرة.
(٦) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).
(٧) لم أجد الكتابين، انظر: الجامع الصغير لأبي الحسن الشيباني (ت ١٨٩ هـ) (١/ ٧٥) باب ما يجوز به الوضوء وما لا يجوز.
(٨) في (ب): «النوع».
(٩) في (ب): «العادة».
(١٠) لم أجد الكتابين، انظر: الجامع الصغير لأبي الحسن الشيباني (ت ١٨٩ هـ) (١/ ٧٥) باب ما يجوز به الوضوء وما لا يجوز.
(١١) في (أ): «ليدخل» والتصويب من (ب).
(١٢) في (ب): «طاقهم» والتصويب من (ب) الِّلحافُ: اسم مايُلْحَفُ به. انظر: الصحاح (٤/ ١٤٢٦) مادة [لحف].
(١٣) في (أ): «فيأكل» والتصويب من (ب).