للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الذي قلته إنما ينكشف ويتضح تمام انكشاف واتضاح بما ذكره الإمام المحقق ظهير الدين المرغيناني (١) -رحمه الله- في فوائده (٢) فقال: أما المكيلات فهي على (أقسام ثلاثة) (٣):

منها ما يحتاج إلى الكيل مرتين، وهو السلم على ما يجيء -إن شاء الله تعالى-، وبيع العين بأن باع مكيلًا مكايلة بعدما اشتراه مكايلة يحتاج فيه إلى كيلين، ولا يكفي المشتري كيل البائع لنفسه، وإن كان بحضرته؛ للحديث الذي ذكرنا.

وما يحتاج فيه إلى صاع البائع وصاع المشتري إنما يكون فيما إذا كان شراؤه بشرط الكيل ثم يبيعه من غيره بشرط الكيل.

وإنما كان كذلك؛ لأن الكيل من تمام القبض فيما يبيع مكايلة، وأصل القبض شرط لجواز التصرف في المبيع (٤)، فيكون تمام القبض شرطًا أيضًا، وذلك لأن القدر معقود عليه فيما بيع (٥) مكايلة.

ألا ترى أنّه يلزم رد الزيادة إذا (٦) ازداد، وينقص من الثمن حصة (٧) ما انتقص، والقدر [والقبض] غير متعين قبل الكيل؛ لتوهم الزيادة والنقصان، ولا ينوب قبض المشتري الأول عن قبض المشتري الثاني، وإن كان بحضرته، فكذا الكيل الذي هو من تمام القبض.

ومن صورة المكيلات ما يكتفي فيه بكيل واحد، وهو القسم الثاني، وهو ما إذا اشترى المسلم إليه حنطة مجازفة، أو استفادهما (٨) زراعة أو إرثًا (٩)، أو استقرض حنطة على أنها كرثم أوفاها (١٠) رب السلم أو باعها مكايلة، احتيج فيه إلى كيل واحد، وهو كيل المشتري، أو كيل البائع بحضرة المشتري.

وإنما احتيج إلى كيل واحد؛ لإباحة التصرف؛ لأن (١١) الكيل شرط لجواز التصرف فيما بيع مكايلة لمكان الحاجة إلى تعيين المقدار.

وإنما يكتفى به؛ لأن الكيل غير محتاج إليه فيما اشتراه مجازفة؛ لأن البيع وقع على المشار (١٢) إليه دون مقدار بعينه، وكذلك فيما استفاده زراعة أو إرثًا.


(١) الحسن بن علي بن عبد العزيز بن عبد الرزاق ابن أبي النصر المرغيناني أبو المحاسن، ظهير الدين أستاذ مسعود بن الحسين الكشاني. روى عنه صاحب " الهداية " " كتاب الترمذي " بالإجازة. الجواهر المضية (٢/ ٣٧٨).
(٢) يعني الفوائد الظهيرية. انظر: البناية شرح الهداية (٨/ ٢٥١).
(٣) في (ع): ثلاثة أقسام.
(٤) في (ع): البيع.
(٥) في (ع): يبيع.
(٦) في (ع): وإذا.
(٧) في (ع): حصته.
(٨) في (ع): استفادها.
(٩) في (ع): وزنا.
(١٠) في (ع): إذا رآها.
(١١) في (ع): ولأن.
(١٢) في (ع): مشار.