للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم: لا يشترط وهو الصحيح؛ لأن سبب وجوب الكيل هو البيع بشرط الكيل، ولم يوجد إلا بيع واحد، وبالكيل الواحد صار البيع معلومًا عند المشتري، وقد ذكرنا أن الحديث محمول على ما إذا وجد عقدان بشرط الكيل.

قلت: وبما (١) ذكر الإمام قاضي خان والإمام المرغيناني -رحمهما الله- يعلم أن (٢) اشتراط الكيلين فيما إذا وجد العقدان بشرط الكيل، كما هو مقتضى لفظ الكتاب في أول المسألة أيضًا، وهو قوله: ومن اشترى مكيلًا مكايلة أو موزونًا موازنة فاكتاله أو (٣) اتزنه ثم باعه مكايلة أو موازنة لم يجز للمشتري منه أن يبيعه حى (٤) يعيد الكيل، ثم ذكر في آخر هذه المسألة في الكتاب بقوله: والصحيح أنّه يكتفى به، أي بالكيل الواحد، وهو يقتضي أن يكون وضع المسألة فيما إذا وجد عقد واحد بشرط الكيل؛ (لما أن) (٥) الاكتفاء بالكيل الواحد في الصحيح من الرواية إنما هو في العقد الواحد بشرط الكيل.

وأمّا إذا وجد العقدان كل واحد منهما بشرط الكيل فالاكتفاء (٦) بالكيل الواحد منهما (٧) ليس بصحيح من الرواية، بل جواب المسألة فيه الكيلان لا غير على ما يقتضيه الصحيح من الرواية.

وأمّا على قول من تمسك بظاهر الحديث في تلك الصورة، أعني صورة وجود العقدين كل واحد منهما بشرط الكيل، فيجب أربع من الكيل؛ لأن كل واحد من العقدين عقد بشرط الكيل. ومن باع مكيلًا مكايلة أي بشرط الكيل، فعند من تمسك بظاهر الحديث فيه كيلان، فإذا وجد عقدان بذلك الوصف كان في كل واحد منهما كيلان فيهما أربع من الكيل لا محالة.

فعلى هذا التقدير الذي ذكرت (٨) يلزم في لفظ الكتاب في وضع أول المسألة مع [هذا] (٩) الحكم في آخرها نوع تناقض.

اللهم إلا أن يريد بما ذكر في آخر المسألة بقوله: والصحيح أنه يكتفى به آخر (١٠) البيعين، وهو البيع الثاني دون الأول؛ لما أنه لم يذكر في أول المسألة لفظ البيع إلا مرة واحدة، فجعل المقصود فيه البيع الثاني، وفي حقه أجري ذلك الحكم وجعل البيع المفهوم من قوله: ومن اشترى مكيلًا مكايلة غير ملتفت إليه فيما ذكر من الحكم في آخر المسألة.

ودل عليه قوله: ومحمل الحديث اجتماع الصفقتين على ما نبين (١١) في السلم، فعلم بهذا (أنه أنكر) (١٢) اجتماع الصفقتين هنا (١٣) بهذا اللفظ، وليس ذلك إلا بأن يجعل الصفقة الأولى غير منظور إليها.


(١) في (ع): ولما.
(٢) في (ع): أو.
(٣) في (ع): و.
(٤) في (ع): حتى.
(٥) في (ع): لأن.
(٦) في (ع): بالاكتفاء.
(٧) في (ع): فيهما.
(٨) في (ع): ذكر.
(٩) ما بين المعقوفين زيادة من (ع).
(١٠) في (ع): أحد.
(١١) في (ع): تبين.
(١٢) في (ع): أن.
(١٣) في (ع): ههنا.