للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: لما كان شرط عدم جواز السلم في الشيء إيجاد (١) البدلين في الوزن أو في الكيل ينبغي أن يجوز إسلام الحنطة أو الشعير في الدراهم أو الدنانير، حيث لم يجمعهما لا كيل ولا وزن، ومع ذلك لا يجوز ذلك سلمًا.

قلنا (٢): إنما كان هكذا؛ لأن الدراهم لا يصلح مسلمًا فيها، وكذلك الدنانير؛ لأن المسلم فيه مبيع، والدراهم والدنانير متعينة للثمنية.

وهل يجوز بيعًا، قيل: إن كان بلفظ البيع يجوز البيع بثمن مؤجل، وإن كان بلفظ السلم، فقد قيل: لا يجوز.

وقال الطحاوي -رحمه الله-: وينبغي (٣) أن يجوز البيع بثمن مؤجل، كذا في الذخيرة (٤).

فهو مكيل أبدًا.

واتفقت الروايات عن أصحابنا: أن ما ثبت كيله بالنص، لا يجوز بيعه بجنسه وزنًا، وإن تماثلا وزنًا؛ كالحنطة وأشباهها؛ لأن الشرع ورد فيها بالجواز بشرط التماثل (في الكيل) (٥).

وقال في فتاوى أهل سمرقند (٦): لو علم أنهما تماثلا كيلاً يجوز، كذا في الذخيرة (٧).

لأن النص أقوى من العرف؛ لأن العرف يحتمل أن يكون على الباطل، وأما (٨) النص بعد ثبوته فلا يحتمل أن يكون على الباطل، ولأن العرف حجة على الذين تعارفوا به، وليس بحجة على من (٩) لم يتعارفوا به، وأما (١٠) النص فحجة على الكل.

لأنها دلالة، أي لأن عادات الناس دلالة على جواز الحكم فيما وقعت عليه عادات الناس؛ لقوله -عليه السلام-: «ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن» (١١).


(١) في (ت): اتحاد.
(٢) في (ت): قلت.
(٣) في (ت): ينبغي.
(٤) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ٨٧).
(٥) في (ت): بالكيل.
(٦) سمرقند: بلد معروف مشهور قيل: إنه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر، قال أبو عون: سمرقند في الإقليم الرابع طولها تسع وثمانون درجة ونصف وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف، وقال الأزهري: بناها شمر أبو كرب، فسميت شمر كنت فأعربت فقيل سمرقند هكذا تلفظ به العرب في كلامها وأشعارها. معجم البلدان لشهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي، الناشر: دار صادر، بيروت، الطبعة: الثانية، ١٩٩٥ م، (٣/ ٢٤٦).
(٧) المحيط البرهاني (٧/ ٧٥).
(٨) في (ت): فأما.
(٩) في (ت): ما.
(١٠) في (ت): فأما.
(١١) أخرجه أحمد (٣٦٠٠)، قال الألباني في السلسلة الضعيفة (٢/ ١٧): لا أصل له مرفوعًا، وإنما ورد موقوفًا على ابن مسعود قال: "إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون .... " إلخ.