للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا يجوز بيع الزيتون بالزيت، أي بيع ثمرة الزيتون بالزيت، وذكر في المغرب (١): الزيتون من العضاه (٢)، ويقال كثمرة (٣) الزيتون أيضًا ولدهنه الزيت.

ثم اعلم أن الأصل في جنس هذه المسائل أن المجانسة بين الشيئين قد يكون باعتبار العين (٤) تارة وباعتبار ما في العين (٥) أخرى، ففيما وجدت المجانسة عينًا لا يعتبر ما في الضمن حتى يجوز بيع قفيز حنطة علكة بقفيز حنطة أكلها السوس، ولا يعتبر ما في الضمن وفي (٦) الحنطة بالدقيق، يعتبر المجانسة بما (٧) الضمن حقيقة وإن كان شيئًا آخر حكما ثم لا مجانسة بين الزيتون والزيت صورة، وإنما يعتبر المجانسة بما في الضمن وهو الزيت الذي في الزيتون، وبيع أحدهما بالآخر على أربعة أوجه، إن علم أن ما في الزيتون من الزيت أكثر من المنفصل، فقد تحقق الفضل الخالي عن العوض، فلا يجوز البيع، وكذلك إن علم أنه مثله (٨)؛ لأن ثفل الزيتون يكون فضلًا خاليًا عن العوض، وإن كان لا يعلم (كيف هؤلاء) (٩) لا يجوز العقد عندنا، وقال زفر: يجوز؛ لأن الأصل في مقابلة مال متقوم بمال متقوم جواز (١٠) العقد، وإنما الفساد بوجود الفضل الخالي عن العوض، فما لم يعلم به لا يفسد البيع.

وعندنا الفضل الذي هو متوهم الوجود كالمتحقق في باب الربا؛ لما روي أن النبي -عليه السلام- (١١): نهى عن ببيع الربا والريبة (١٢) والريبة شبهة الربا.

أو (١٣) قال ابن مسعود (١٤): -رضي الله عنه- كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الحرام (١٥).


(١) المغرب (١/ ٢١٤).
(٢) في (ت): العصارة.
(٣) في (ت): للثمرة.
(٤) في (ت): عينه.
(٥) في (ت): الضمن.
(٦) في (ت): وهو.
(٧) في (ت): بما في.
(٨) في (ت): مثل له.
(٩) في (ت): كيف هو.
(١٠) في (ت): فجاز.
(١١) في (ت): صلى الله عليه وسلم.
(١٢) قال عمر إن آخر ما نزل من القرآن آية الربا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قبض ولم يفسرها فدعوا الربا والريبة». أخرجه أحمد (٢٤٦)، وابن ماجه في كتاب التجارات – باب التغليظ في الربا (٢٢٧٦)، وصححه الألباني.
(١٣) في (ت): و.
(١٤) عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، كان إسلامه قديما فِي أول الإسلام، شهد بدرا والحديبية، وهاجر الهجرتين جميعا: الأولى إِلَى أرض الحبشة، والهجرة الثانية من مكة إِلَى المدينة، فصلى القبلتين، ومات ابْن مَسْعُود رحمه الله بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع. الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٣/ ٩٨٧)، سير أعلام النبلاء (١/ ٤٦١).
(١٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٤٦٨٣) عن عمر.