للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده (١): فإذا تبدلت صارا نوعين فيجوز البيع كيف ما كان، كبيع الحنطة أو الدقيق بالخبز.

الدقل نوع من أردأ التمر، وإنما خص خل (الدقل) (٢) وإن وصل كان حكم خل سائر التمور كذلك؛ لأنهم يجعلون الخل من الدقل، فكان هو إخراج الكلام مخرج العادة، ثم لما كان هذان الخلان جنسين جاز بيع أحدهما بالآخر متفاضلًا، لكن لا يجوز بيع أحدهما بالآخر نسيئة؛ لأنه جمعهما قدر واحد وهو (الوزن والكيل) (٣)، كذا في المبسوط (٤).

وشعر المعز وصوف الغنم جنسان.

فإن قيل (٥): يجب أن يكونا جنسًا واحدًا؛ لأن المعز والغنم جنس واحد حتى اعتبر اتحادهما في حق الألبان وفي حق تكميل النصاب.

قلنا: نعم كذلك، إلا أن المقاصد فيهما قد اختلفت، فإن الحبال الصلبة والمسوج (٦) إنما يتخذ من شعر المعز دون صوف (٧) الضأن، واللبود (٨) واللفافة (٩) إنما يتخذ من صوف الضأن دون شعر المعز، فصارا بسبب اختلاف المقاصد جنسين مختلفين.

وحصل من هذا كله أن ما يوجب اختلاف الجنس في الشيء أنواع ثلاثة:

أحدها: اختلاف الأصول؛ كألبان البقر والغنم وكذا لحومهما.

والثاني: التبدل بالصنعة مع اتحاد الأصل؛ كالوذاري والزندنيجي، والخبز مع الدقيق.

وذكر في المبسوط (١٠): وكذلك الزيت المطبوخ مع غير المطبوخ، والدهن المربى بالبنفسج مع غير المربى، يجوز بيع بطل (١١) من المطبوخ والمربى برطلين من غير المطبوخ وغير المربى؛ لأن تلك الرايجة بمنزلة زيادة في عينها.


(١) خواهر زاده: هو محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري، المعروف بأبي بكر خواهر زاده، قال السمعاني كان إمامًا فاضلاً نحويًا، وله طريقة حسنة مفيدة جمع فيها من كل فن، وله كتاب المبسوط. توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. تاج التراجم (٢/ ٦٩).
(٢) في (ت): التمر.
(٣) في (ت): الكيل والوزن.
(٤) المبسوط (١٢/ ١٨٠).
(٥) في (ت): فإن قلت.
(٦) في (ت): والمنسوج.
(٧) في (ت): أصواف.
(٨) (اللِّبْدُ) بِوَزْنِ الْجِلْدِ وَاحِدُ (اللُّبُودِ) وَ (اللِّبْدَةُ) أَخَصُّ مِنْهُ. (اللُّبَادَةُ) مَا يُلْبَسُ مِنْهُ لِلْمَطَرِ. مختار الصحاح لزين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي، المحقق: يوسف الشيخ محمد، الناشر: المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت - صيدا، الطبعة: الخامسة، ١٤٢٠ هـ/ ١٩٩٩ م، (١/ ٢٧٨).
(٩) (اللِّفَافَةُ) مَا يُلَفُّ عَلَى الرِّجْلِ وَغَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ (اللَّفَائِفُ). مختار الصحاح (١/ ٢٨٣).
(١٠) المبسوط (١٢/ ١٧٧).
(١١) في (ت): رطل.