للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك ملك سابق على الانفصال عنها، وذلك لأن الإقرار ينشئه المقر باختياره، وهو يتمكن من إنشاء سبب الملك فيها في الحال غير متمكن من ذلك فيما مضى، فإنما يثبت الملك بإقراره مقصورًا على الحال لهذا.

وأما عند قيام البينة الشهود لا يتمكنون من إنشاء ملك للمستحق فيه في الحال، ولا القاضي يتمكن من ذلك، فلابد من أن يجعل ذلك إظهار الملك كان له من (١) الأصل، كذا في الجامع الصغير للإمام شمس (٢) الأئمة السرخسي وقاضي خان [وغيرهما] (٣) -رحمهما الله (٤) -.

وقيل: يشترط القضاء بالولد، وهو الأصح؛ لأن محمدًا -رحمه الله- قال: إذا قضى القاضي بالأصل ولم يعرف الزوايد لم يدخل الزوايد تحت الحكم؛ لأنه منفصل وقت القضاء، كذا ذكره الإمام التمرتاشي (٥).

ومن اشترى عبدًا، أي على ظن أنه عبد، ولفظ الإمام التمرتاشي -رحمه الله-: شخص قال لرجل: اشتر لي فإني عبد فلان، فاشتراه فإذا هو حر ببينة أقامها، فإذا هو حر بسكون الألف؛ لأنها إذا المفاجأة، وقد قال العبد للمشتري: اشتر فإني عبد، إنما قيد بهذين القيدين؛ لأنه لو قال وقت البيع: إني عبد، ولم يأمره بالشرى، أو قال: اشترني، ولم يقل: إني عبد لا يرجع عليه بالثمن في قولهم، كذا ذكره الإمام التمرتاشي في الجامع الصغير محالاً إلى شيخ الإسلام -رحمه الله-.

لم يرجع عليه على [كل] (٦) حال، أي لم يرجع المرتهن على هذا العبد المقر في حال من الأحوال، سواء كان البائع [الراهن] (٧) حاضرًا أو غائبًا، أي غيبة كانت لا ترجع (٨) فيهما، أي في البيع والرهن (٩)؛ لأن الرجوع بالمعاوضة أو بالكفالة، أي في هذا العقد لما أن أنواع الرجوع على الغير بالضمان كثيرة.

وذكر شمس الأئمة الحلواني -رحمه الله- في الجامع الصغير (١٠): قول محمد مع قول أبي يوسف -رحمهما الله-، ولهما وهو ظاهر الرواية أن المشتري إنما أقدم على المشري (١١) معتمدًا على كلام العبد، فصار بمنزلة المغرور من جهته، والغرور في المعاوضات التي يقتضي (١٢) سلامة العوض يجعل سببًا للضمان؛ دفعًا للغرور بقدر الإمكان، فإذا ظهرت حرية العبد وأهلية الضمان وتعذر الاستيفاء من جهة البائع يؤاخذ هو بذلك، كالمولى إذا قال لأهل السوق: هذا عبدي، وقد أذنت له في التجارة فبايعوه، ولحقه ديون ثم ظهر أنه كان حرًا رجعوا عليه بديونهم؛ يحكم (١٣) الغرور كذلك ههنا، وهذا الغرور وقع في عقد هو معاوضة وهو البيع، وبه وقع الفرق بين هذا وبين الرهن؛ لأن الرهن ما شرع معاوضة، ولهذا قيل: حكم الرهن ملك اليد بجهة استيفاء الدين ليتوصل به إلى حقيقة الاستيفاء من مالية الرهن لا من عينه، ولهذا قال علماؤنا: أن الرهن برأس [مال] السلم أو بالمسلم فيه إذا هلك يقع به الاستيفاء، ولو كان معاوضة لكان استبدالاً برأس مال السلم أو بالمسلم (١٤) فيه وأنه حرام.


(١) في (ت): في.
(٢) في (ت): لشمس.
(٣) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٤) فتح القدير (٧/ ٤٤).
(٥) مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لعبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده، يعرف بداماد أفندي، الناشر: دار إحياء التراث العربي، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ، (٢/ ٩٢).
(٦) فما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٨) في (ت): يرجع.
(٩) الرَّهْن: هو في اللغة مطلق الحبس، وفي الشر: حبس شيء مالي بحق كالدين يمكن استيفاؤه منه ويسمَّى الشيء مرهوناً ورهناً. التعريفات الفقهية (١/ ١٠٧).
(١٠) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ١٠١).
(١١) في (ت): الشراء.
(١٢) في (ت): تقتضي.
(١٣) في (ت): بحكم.
(١٤) في (ت): أو المسلم.