للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنها بالملك أو بإذن المالك، أي لأن الولاية الشرعية.

ولا انعقاد إلا بالقدرة الشرعية والقدرة إما بالملك أو بالإذن.

ولنا أن تصرف تمليك هذا من قبيل إضافة العام إلى الخاص كعلم الطب، أي تصرف هو تمليك، وإنما قيد بالتمليك احترازًا عن تصرف هو إسقاط؛ كالطلاق والعتاق، فإن الصبي إذا طلق امرأته، أو أعتق عبده على مال أو على غير مال، لا يتوقف على إجازة الولي ولا على إجازة نفسه بعد البلوغ.

بخلاف ما إذا باع ماله، أو اشترى شيئًا، أو تزوج امرأة، أو زوج أمته، فإن هذه التصرفات منه يتوقف على (١) إجازة الولي، أو إجازة نفسه بعد البلوغ كما ذكرناه (٢).

وقد صدر من أهله في محله.

أما بيان الأهلية فإن التصرف كلام، والأهلية للكلام حقيقة بالتمييز، واعتباره شرعًا بالخطاب.

وأما بيان المحلية فإن البيع تمليك مال بمال، فالمحل إنما يكون محلاً بكونه مالاً متقومًا (٣)، وبانعدام الملك للعاقد في المحل لا ينعدم المالية والتقوم.

ألا ترى أنه لو باعه بإذن المالك يجوز، وما ليس بمحل لا يصير محلاً بالإذن، ولو باعه المالك بنفسه جاز، والمحلية (لا يختلف يكون) (٤) المتصرف مالكًا وغير مالك.

فإن قيل: اعتبار التصرف شرعًا لحكمه لا لعينه، والمراد بالأسباب الشرعية أحكامها، واشتراط الملك في المحل لأجل الحكم، فالتمليك لا يتحقق إلا من المالك، فإذا لم يكن المتصرف مالكًا لغا تصرفه؛ لانعدام حكمه.

قلنا: الجواب عن هذا السؤال طريقان:

أحدهما: لا نسلم أن الحكم لا يثبت بهذا التصرف، بل يثبت حكم يليق بالسبب، فإنه يثبت بالسبب الموقوف ملك موقوف، كما يثبت بالسبب البات ملك بات، ولهذا لو أعتق المشتري ثم أجاز المالك البيع نفذ عتقه، وهذا لأنه لا ضرر على المالك في إثبات ملك موقوف لهذا السبب، كما لا ضرر عليه في انعقاد السبب، فأما الضرر ففي زوال ملكه، وبالملك الموقوف لا يزول ملكه الثابت.

والثاني: أن السبب إنما يلغو إذا خلا عن الحكم شرعًا، فأما (٥) إذا تأخر عنه الحكم فلا؛ لأن الحكم تارةً يتصل بالسبب وتارةً يتأخر كما في البيع بشرط الخيار، والعلة لا تبطل بتأخر حكمها لمانع، فإن أصل البيع صحيح من المالك، والحكم متأخر على أصل الشافعي إلى أن يتفرقا؛ لأنه تأخر لمانع وهو الخيار، وكذلك الراهنان إذا تبايعا برهنا (٦) برهن بغير إذن المرتهن انعقد وتوقف الحكم لحق (٧) المرتهنين.


(١) في (ت): إلى.
(٢) في (ت): ذكرنا.
(٣) في (ت): منقولا.
(٤) في (ت): لا تختلف بكون.
(٥) في (ت): وأما.
(٦) في (ت): رهنًا.
(٧) في (ت): في.