للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك الطلاق (١) إلى شهر سبب للإيقاع صحيح، والحكم يتأخر (٢)، وكذلك شهر رمضان سبب لوجوب الصوم، والوجوب متأخر في حق المسافر والمريض، ولا يلزم طلاق الصبي الذي يعقل امرأته، فإنه لا ينعقد، وإن كان هو أهل الكلام حتى لو طلق امرأة غيره صح بأن وكله رجل بطلاق امرأته، والمحل موجود وهو المنكوحة.

لأنا نقول أن الشرع ألحق الصبي بالذي لا عقل له فيما يضره من الأحكام؛ نظراً له حتى لا يلزمه حقوق الله تعالى، وإن تحققت الأسباب من إدراك وقت الصلاة، وتحققت الشروط من ملك الزاد والراحلة؛ لأن اللزوم ضرر في نفسه فالتحق شرعًا بالبهيمة، والطلاق احتراز (٣)؛ لأنه إبطال ما شرع مصلحة كالهبة، فلا يبقى أهلاً للكلام من ذلك الوجه، كما لم يبق أهلاً لوجوب حقوق الله تعالى، ولأن امرأة الصبي ليست بمحل لوقوع الطلاق عليها بالإيقاع [فلا تبقى] (٤).

ألا ترى أنه لا يقع عليها بإذن الولي ولا بإيقاعه، وهذا لأنا عرفنا محلية الطلاق شرعًا، ولولا شرع الله الطلاق بعد النكاح لما كانت محلاً كالأمة.

فأما مال الغير فمحل لحكم البيع حتى يثبت فيه حكم البيع عند إذن المالك أو مباشرته بنفسه، كذا في [الذخيرة و] (٥) الأسرار (٦) والمبسوط في باب الاستبراء (٧) من كتاب البيوع (٨).

فإن قلت: لا شك أن تصرف المالك في ملكه بالبيع بعد ورود النهي عنه أنفذ من تصرف غير المالك في ملك الآخر بعد ورود النهي في حقه أيضاً؛ لما روي عن النبي -عليه السلام- (٩) «نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان» (١٠).


(١) في (ت): الإطلاق.
(٢) في (ت): متأخر.
(٣) في (ت): إضرار.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٦) الْأَسْرَارِ لعبدالله بن عمر بن عيسى أبو زيد الدبوسي الحنفي، ينسب إلى دبوسية، وهي قرية بين بخارى وسمرقند، كان من أكابر فقهاء الحنفية، ويضرب به المثل في النظر واستخراج الحجج، برع في علم أصول الفقه، له عدة مؤلفات منها هذا الْكِتَاب الْأَسْرَارِ وهو كبير جداً حقق منه كتاب المناسك في مصر وبقي الجزء الباقي منه مفقوداً (٤٣٠ هـ).
(٧) الاستبراء لغة: طلب البراءة. لسان العرب (١/ ٣٣).
وشرعًا يستعمل في معنيين: الأول: في الطهارة بمعنى نظافة المخرجين من الأذى. والثاني: في النسب بمعنى: طلب براءة المرأة من الحبل ومن ماء الغير، كما عبروا عنه باستبراء الرحم. ينظر: المغني لابن قدامة (١/ ٧٥ - ٧/ ٥٥٢).
(٨) المبسوط (١٣/ ١٤٥).
(٩) في (ت): صلى الله عليه وسلم.
(١٠) أخرجه أحمد في «مسنده» (٣/ ٤٠٢)، وأبو داود في كتاب البيوع- باب في الرجل يبيع ما ليس عنده (٣٥٠٣)، والترمذي في كتاب البيوع- باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك (١٢٣٢)، والنسائي في كتاب البيوع- باب بيع ما ليس عند البائع (٤٦١٣)، وابن ماجه في كتاب التجارات- باب النهي عن بيع ما ليس عندك (٢١٨٧)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٧٢٠٦).