للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: عند تعارض الخبرين هناك وجب تساقطهما فصارا كأنهما لم يخبرا فرجحنا كون الماء مطهرًا باستصحاب الحال (١)؛ لأن الحال تصلح للترجيح والماء كان مطهرًا قبل التعارض فيبقى كذلك بعد التعارض لانعدام الخبرين حكما بسبب التعارض، وها هنا إنما جاء التعارض من جانب الضرورة على معنى أن فيه ضرورة من وجه دون وجه فلو ثبتت الضرورة من كل وجه لقلنا بالطهارة، ولو لم تثبت من كل وجه لقلنا بالنجاسة على ما ذكرنا، فلما تعارضت جهتا الضرورة [تساقطنا] (٢) للتعارض فأبقينا ما كان على ما كان أيضًا، ثم ما كان ثابتًا على حاله قبل التعارض شيئان جانب الماء وجانب اللعاب، وليس أحدهما بأولى من الآخر فوجب الشك.

والرابع: هو أن يقال: في استعمال الماء ترك العمل بالاحتياط من وجه آخر؛ لأنه إن كان نجسًا ففيه يتنجس العضو.

قلنا: إن معنى الشك في كونه مطهرًا لا في كونه طاهرًا وهو الصحيح فعلى هذه الرواية لا يرد السؤال، وعلى الرواية الأخرى: بأن كان الشك في طهارته.

قلنا: الاحتياط في استعماله لأن العضو طاهر بيقين فلا يتنجس بالشك والحدث ثابت بيقين فلا يزول بالشك، ويشترط اليقين في الطهارة ولا تيقن فيها إلا بضم التيمم إليه، وهذا البيان الواضح والكشف اللائح مقتبس من تلويحات شيخ الإسلام -رحمه الله- في «مبسوطه» (٣) [بتقريره] (٤)، ومن المسموعات من [في] (٥) الأستاذ الشفيق -رحمه الله-.

وَلَنَا أَنَّ الْمُطَهِّرَ أَحَدُهُمَا فَيُفِيدُ الْجَمْعُ دُونَ التَّرْتِيبِ.

-قوله -رحمه الله-: (فيفيد [الجمع] (٦) دون الترتيب) المراد أن لا تخلو الصلاة الواحدة عنهما وإن لم يوجد الجمع في حالة واحدة حتى أنه إذا توضأ بسؤر الحمار وصلى ثم أحدث وتيمم وصلى تلك الصلاة أيضًا جاز؛ لأنه جمع الوضوء به والتيمم في حق صلاة واحدة.

وفي «الجامع الصغير» (٧) للإمام المحبوبي -رحِمَهُ الله-: وعن [نصر] (٨) بن يحيى في رجل لم يجد إلا سؤر حمار قال: يهريق ذلك السؤر حتى يصير عادمًا للماء ثم يتيمم فعرض قوله هذا على


(١) هذا هو استصحاب الحال عند الأصوليين، مثل: علاقة تميز الطاهر من النجس في الأواني والثياب، فإن عَلِمَ نجاسة أحدهما وطهارة الآخر تعارض اليقينان فلا سبيل إلى ترك"الإناءين أو الأخذ" بأحدهما، ولا سبيل إلى الترك فتعين الإجتهاد إذ ليس أحدُ الأصليين أولى من الآخر. انظر: المنثور في القواعد الفقهية (٢/ ٢٨٧).
(٢) في (أ): «تساقطا» والتصويب من (ب).
(٣) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام.
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) في (ب): «فم».
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) الجامع الصغير للمحبوبي- مخطوط.
(٨) في (ب): «نصير».