للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا أن يعتق المشتري، والخيار للبائع ثم يخير البائع، أي لا ينفذ إعتاقه، فههنا (١) أولى أن لا ينفذ، وذلك البيع بشرط الخيار أقوى من البيع الموقوف، فإنه متفق على جوازه، وكذا لا يصح بيع المشتري من الغاصب فيما نحن فيه، أي المشتري من الغاصب إذا باع من الغير، ثم أجاز المالك البيع الأول لا يصح هذا البيع الثاني، فكذلك إذا أعتق ينبغي أن يكون كذلك مع أنه أسرع نفاذًا، أي مع أن البيع أسرع نفاذًا من العتق.

ألا ترى أن الغاصب إذا باع ثم ضمن نفذ بيعه، ولو أعتق ثم ضمن لم ينفذ عتقه، والكاتب بملك مثله، [و] (٢) يملك البيع لنفسه ولا يملك الإعتاق، ولما لم ينفذ بيع المشتري من الغاصب من آخر عند الإجازة مع شرعه نفوذ البيع لما قلنا؛ فلأن لا ينفذ إعتاق المشتري من الغاصب مع بطئ نفوذه عند الإجازة بالطريق الأولى حتى نفذ من الغاصب أي البيع.

وقوله (٣): ينصرف مطلق احتراز عن البيع بشرط الخيار موضوع لإفادة الملك احتراز عن الغصب؛ لأن الغصب ليس بموضوع لإفادة الملك، وصار كإعتاق المشتري من الراهن، والجامع إعتاق في بيع موقوف، وهناك كذلك بخلاف إعتاق الغاصب [بنفسه]، يعني أن الغاصب لو أعتق ثم ضمن القيمة لم ينفذ عتقه، وعلل فقال: لأن الغصب غير موضوع لإفادة الملك، وبهذا التعليل لا يتم ما ادعاه فإنه يرد عليه أن يقال: ولما كان الغصب لم يوضع لإفادة الملك يجب أن لا ينفذ بيعه أيضًا عند إجازة المالك، كما لا ينفذ عتقه عند إجازة المالك؛ لما أن كلاً من جواز البيع وجواز العتق محتاج إلى الملك، والملك هنا بالإجازة، ولكن وجه تمام التعليل فيما ذكره في المبسوط وقال: وهذا بخلاف الغاصب إذا أعتق ثم ضمن القيمة؛ لأن المستند به حكم الملك لا حقيقة الملك، ولهذا لا يستحق الزوايد المنفصلة، (وحكم) (٤) الملك يكفي لنفوذ البيع دون العتق؛ كحكم ملك المكاتب في كسبه، وههنا الثابت للمشتري من وقت العقد حقيقة الملك، ولهذا استحق الزوايد المتصلة والمنفصلة.

وبخلاف ما إذا كان في البيع خيار البائع، فإن السبب هناك غير تام، فإن قوله: على أني بالخيار مقرون بالعقد نصًا، وقران العقد بالشرط يمنع كونه سببًا قبل وجود الشرط فينعقد به أصل العقد، ولكن يكون في حق الحكم كالمتعلق بالشرط، والمتعلق بالشرط معدوم قبله.

ألا ترى أنه لو قال: إذا جاء غدًا فلله علي أن أتصدق بدرهم، فتصدق به اليوم [فإنه] (٥) لا يجوز، بخلاف ما لو قال: لله [علي] أن أتصدق بدرهم غدًا، فتصدق به اليوم يجوز، فعرفنا أن التوقف لا يمنع تمام السبب، والتعليق بالشرط يمنع منه، وقران الشرط به أي بالبيع.


(١) في (ت): وههنا.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٣) في (ت): قوله.
(٤) في (ت): وحق.
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).