للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحد الانقطاع ما ذكره الفقيه أبو بكر البلخي (١) -رحمه الله-: هو أن لا يوجد في السوق الذي يباع فيه، وإن كان يوجد في البيوت، كذا في الذخيرة (٢).

وهذه المسألة منقسمة على أربعة أوجه، وهي القسمة العقلية:

أحدها: أن يكون المسلم فيه موجودًا عند العقد، منقطعًا عن أيدي الناس عند حلول الأجل، فهذا لا يجوز بالاتفاق؛ لأن المسلم إليه بالعقد يلتزم التسليم عند حلول الأجل، فإذا لم يكن مقدور التسليم عند ذلك لا يجوز العقد.

والثاني: عكسه، وهو أن يكون منقطعًا وقت العقد، موجودًا في أيدي الناس عند حلول الأجل، فهذا لا يجوز عندنا، وعند الشافعي يجوز.

والثالث: أن يكون موجودًا عند العقد وعند حلول الأجل، ولكنه منقطع عن أيدي الناس فيما بين ذلك، وهذا لا يجوز عندنا، وعلى قول (٣) مالك (٤) والشافعي (٥) يجوز.

والرابع: أن يكون موجودًا من وقت العقد إلى وقت المحل، على وجه لا ينقطع فيما بين ذلك، فيكون العقد صحيحًا بالاتفاق (٦).

وحجتنا في ذلك قوله -عليه السلام-: «لا تسلموا في الثمار حتى يبدو صلاحها» (٧).

وفي الحديث المعروف أن النبي -عليه السلام-: «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها» (٨)، ولم يرد به النهي عن بيعها عينًا؛ لأن ذلك جائز بشرط القطع، فعرفنا أن المراد به النهي عن بيعها سلمًا.

ولأن (٩) شرط الجواز أن يكون المبيع مقدور التسليم للعاقد لا مقدور التسليم في نفسه؛ لأن السلم [التسليم] يجب على العاقد، فما لم يكن مقدور التسليم للعاقد لا يثبت له القدرة على التسليم.


(١) مُحَمَّد بن أحمد أبو بكر الإسكاف البلخي. فقيه حنفي. إمام كبير جليل القدر، أخذ الفقه عن مُحَمَّد بن سلمة وعن أبي سليمان الجوزجاني. وتفقه عليه أبو بكر الأعمش مُحَمَّد بن سعيد وأبو جعفر الهندواني. من تصانيفه: "شرح الجامع الكبير للشيباني". الجواهر المضية (٢/ ٢٨)، الفَوَائِد البهية (١/ ١٦٠).
(٢) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٥/ ٢٢٣).
(٣) في (ت): قولك.
(٤) شرح مختصر خليل للخرشي (٥/ ٢٠٤).
(٥) الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (٣/ ٥٥).
(٦) المبسوط (١٢/ ١٣٤).
(٧) أخرجه أبو داود في أبواب الإجارة – باب في السلم في ثمرة بعينها (٣٤٦٧)، وضعفه الألباني.
(٨) أخرجه مسلم في كتاب البيوع _ باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع (١٥٣٨).
(٩) في (ت): ولا.