للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: نعم كذلك، إلا أن ههنا معنى آخر يقتضي استمرار الوجود في مدة الأجل من حين العقد إلى حين المحل، وذلك لأن ما يعد العقد ههنا بمنزلة حال (١) المحل؛ لأن زمان المحل وقت وجوب التسليم يشترط بقائه حيًا إلى ذلك الوقت، وذلك موهوم، وما بعد العقد وقت وجوب التسليم بشرط موته، وذلك موهوم [أيضًا] (٢).

وقد أجبنا عن قول من يقول: يترجح جانب الحياة، فلما استويا من هذا الوجه قلنا بشرط الوجود وقت المحل بالاتفاق؛ لوجود (٣) التسليم [بشرط بقائه حيًّا] (٤) في (٥) ذلك الوقت، فيجب أن يشترط الوجود (٦) من وقت (٧) العقد إلى وقت المحل؛ لتوهم وجود الموت فيما بين ذلك، ووجوب التسليم عليه في ذلك الوقت، والموهوم ههنا ملحق بالمتحقق.

ألا ترى أنه إذا أسلم في تيمان (٨) [فيمان] رجل بعينه أو ثمر حائط رجل بعينه لم يجز؛ لتوهم هلاك ذلك القيمان (٩)، ويوهم هلاك الثمر من حائط دون سائر الحوايط (١٠) أندر من هلاك الحي، فلما اعتبر الموهوم هناك بحيث (١١) أن يعتبر هنا (١٢) بالطريق الأولى، كذا في المبسوط والأسرار.

أو نقول: اشتراط استمرار الوجود هنا بمنزلة النصاب، والتعليق أيضاً من حيث أن هلاك النصاب فيما بين الوقتين يبطل انعقاد السبب، وكذلك زوال المحلية في حق المرأة فيما بين الوقتين يبطل التعليق، فكذلك ههنا انقطاع الوجود فيما بين الوقتين يبطل عقد السلم فكانت المسائل كلها مطردة لا منتقضة.

ولو انقطع بعد المحل فرب السلم بالخيار إن شاء فسخ السلم وإن شاء انتظر وجوده.

فإن قلت: انقطاع السلم فيه من أيدي الناس في العجز عن تسليمه بمنزلة هلاك العين في العجز عن تسليمه، ثم لو هلك المبيع في بيع العين قبل التسليم بطل البيع، فكذلك إذا انقطع المسلم فيه من أيدي الناس وإن كان هو دينًا كما لو اشترى بفلوس شيئًا فكسدت قبل القبض يبطل العقد فكذا هنا.

قلت: هذا الذي ذكرته هو وجه (١٣) زفر في قوله: أنه يبطل العقد ويسترد رأس المال لهذا، وإنا نقول: أنه تعذر تسليم المعقود عليه بعارض على شرف الزوال فيتخير العاقد فيه، كما لو أبق المبيع قبل القبض، وهذا لأن المعقود عليه دين، وبقاء الدين ببقاء محله، ومحل الدين إنما هو الذمة، فكان المعقود عليه باقيًا ببقاء الذمة، ولكن تأخر تسليمه إلى أوان وجوده [فيه] (١٤)، وفيه تغيير شرط العقد فيثبت للعاقد الخيار بين أن يفسخ العقد ويسترد رأس المال وبين أن يصير حتى يأتي أوانه فيأخذ المسلم فيه، وبه فارق هلاك العين، فإن المعقود عليه هناك يفوت أصلًا.


(١) في (ت): حالة.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٣) في (ت): لوجوب.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٥) في (ت): إلى.
(٦) في (ت): الوجوب.
(٧) في (ت): حين.
(٨) في (ت): ثمار.
(٩) في (ت): الثمار.
(١٠) في (ت): الحوائط.
(١١) في (ت): يجب.
(١٢) في (ت): ههنا.
(١٣) في (ت): حجة.
(١٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).