للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذلك الفلوس إذا كسدت، فإن العقد إنما يتناول فلوسًا هي (١) ثمن، وبعد الكساد لا يبقى ثمنًا أصلًا ولا يرجى رواجه، ولو رجي لا يُعلم متى يروج، بخلاف ما نحن فيه، فإن لإدراك الثمار والقدرة على التسليم أوانًا (٢) معلومًا، فيتخير رب السلم إن شاء رضي بالتأخير، وإن شاء فسخ العقد وأخذ رأس ماله، كذا في المبسوط (٣).

وحاصل الفرق بين هلاك المبيع في يد البائع وبين انقطاع المسلم فيه بعد محل الأجل قبل التسليم أن المعقود عليه هلك في تلك الصورة وفي صورة السلم [فيه] (٤) لم يهلك، بل عجز رب السلم عن تسليم المسلم فيه لعارض (٥) معنى، وذلك لأن المعقود عليه في السلم الدين في الذمة، وهو باق لبقاء الذمة، وبه وقع الفرق.

يقال: سمك مليح ومملوح، ولا يقال: مالح إلا في لغة ردية، وهو المقدد الذي فيه ملح، كذا في المغرب (٦).

المملوح من ملح القدر ألقي فيها الملح، وأنشد لعذافر:

بصيرية تزوجت بصيرتا أطعمها المالح والطريا.

وكفى بذلك حجة للفقهاء، كذا بخط الإمام الزرنوخي (٧).

ويجوز السلم في السمك المالح، وذكر في شرح الطحاوي (٨): أن السلم في السمك لا يخلو إما أن يكون طريًا أو مالحًا، ولا يخلو إما أن يسلم فيه عددًا أو وزنًا، فإن أسلم فيه عددًا لا يجوز السلم فيه طريًا كان أو مالحًا؛ لأنه متفاوت، وإن (٩) أسلم فيه وزنًا ينظر إن كان مالحًا يجوز، وإن كان طرياً إن كان العقد في حينه، ولا ينقطع فيما بين ذلك يجوز، وإلا فلا، وهذا حاصل ما ذكر في المبسوط (١٠).

وقال: ولا خير في السلم في السمك الطري في غير حينه؛ لأنه ينقطع عن أيدي الناس، ولأنه مختلف.

ثم قال: والنكتة الأولى تدل على أنه إذا أسلم في حينه يجوز، والنكتة الثانية تمنع من ذلك.

وحاصل الجواب: أن السلم (١١) فيه في غير حينه لا يجوز وزنًا، ولا [يجوز] (١٢) عددًا.

وفي حينه يجوز وزنًا، ولا يجوز عددًا؛ لأن فيه الصغير والكبير.

وذكر في الإيضاح (١٣): والصحيح من المذهب أن السمك الصغار يجوز السلم فيها كيلاً ووزنًا، وفي الكبار روايتان.


(١) في (ت): وهي.
(٢) في (ت): وقتا.
(٣) المبسوط (١٢/ ١٣٦).
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٥) في (ت): بعارض.
(٦) المغرب (١/ ٤٤٥).
(٧) الجوهرة النيرة (١/ ٢١٨).
(٨) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ١١٣).
(٩) في (ت): فإن.
(١٠) المبسوط (١٢/ ١٣٨).
(١١) في (ت): المسلم.
(١٢) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١٣) مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٩٩).