للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإذا أسلم في ثوب هروي فلا بأس به، من أصحابنا من يقول بأن الثوب الهروي لا يتوهم انقطاعه بخلاف الطعام، فالجراد قد يستأصل طعام هراة، ولا يستأصل حوكه هراة، وهذا ضعيف، قالوا: قد يستأجل (١) حوكة هراة، ولكن المعنى الصحيح في [الطعام] (٢) الفرق أن نسبة الثوب إلى هراة لبيان جنس المسلم فيه، لا لتعيين المكان، فإن الثوب الهروي ما ينسج على صفة معلومة، فسواء نسج على تلك الصفة بهراة أو بغير هراة يسمى هرويًا بمنزلة الزندنيجي والوداري، فقال: وإلى هذا أشار في الكتاب، فقال: الثوب الهروي من الثياب بمنزلة الحنطة من الحبوب، يعني بهذا بيان الجنس بخلاف الحنطة، وأن (٣) حنطة هراة ما ينبت بأرض هراة حتى أن النابت في موضع آخر لا ينسب إلى هراة، وإن كان تلك (٤) الصفة فكان هذا تعيينًا للمكان وذلك يتوهم انقطاعه.

قال مشايخنا: إن نسب الطعام إلى موضع يعلم أن مراده بذلك بيان الصفة فذلك لا يفسد السلم أيضاً كالحشمراني ببخارى، فإنه يذكر ذلك لبيان جودة الحنطة، ولا يختص له ما ينبت بتلك القرية، فكأنه قال: في حنطة جيدة.

وقع في الأصل: والثوب الهروي لا يصنع بغير تلك البلاد، وهو غلط، بل الصحيح أن الثوب الهروي يصنع في غير تلك البلاد على ما بيّنا أنه اسم منسوج بصفة فسمى به، وأن نسج بغير هراة.

النجسي خلاف السقي منسوب إلى النجس وهي الأرض التي يسقيها السماء؛ لأنها منجوسة الحظ من الماء.

ثم بمكيال معروف، أي معروف المقدار.

والأصل فيه ما روينا، وهو قوله -عليه السلام-: «من أسلم منكم» (٥) إلى آخره.

والفقه فيه ما بينا وهو قوله: ولأن الجهالة فيه مفضية إلى المنازعة.

ومعروفة (٦) مقدار رأس المال إذا كان يتعلق العقد على مقداره كالمكيل.

وإنما قيد بهذا احترازًا عن ما لا يتعلق عقد السلم بمقداره (٧) كالمذروعات؛ لأن الذُرعان في الثوب المعين صفة، ولهذا لو اشترى ثوبًا على أنه عشرة أذرع فوجده أحد عشر ذراعًا يسلم له الزيادة، ولو وجده تسعة أذرع لا يحط عنه شيء من الثمن، والمسلم فيه لا ينقسم على عدد الذرعان ليشترط إعلامه، بخلاف ما إذا كان رأس المال هو (٨) المكيلات والموزونات، فإن إعلامه شرط عند أبي حنيفة -رحمه الله-، وهو مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقول الفقيه من الصحابة مقدم على القياس.


(١) في (ت): يستأصل.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٣) في (ت): فإن.
(٤) في (ت): بتلك.
(٥) أخرجه البخاري في كتاب السلم- باب السلم في وزن معلوم (٢٢٤١)، ومسلم في كتاب المساقاة- باب السلم (١٦٠٤).
(٦) في (ت): ومعرفة.
(٧) في (ت): بمقدار.
(٨) في (ت): من.