للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى فيه أن هذا مقدر (١) يتناوله عقد السلم فلا بد من إعلام قدره كالمسلم فيه.

وتحقيقه أن جهالة قدر رأس المال يؤدي إلى جهالة المسلم فيه؛ لأن المسلم إليه ينفق رأس السلم (٢) شيئًا فشيئًا، وربما يجد بعض ذلك زيوفاً فيرده، فلا (٣) يستبدله في مجلس الرد، فيبطل العقد بقدر ما رده، فإذا لم يكن مقدار رأس المال معلومًا لا يعلم في كم انتقص السلم وفي كم بقي، وإذا كان مقدار رأس المال معلومًا يوزن المردود فيعلم به في كم انتقص العقد، وما يؤدي إلى جهالة المسلم فيه يجب الاحتراز عنه، وإن كان ذلك موهومًا، ألا ترى أنه لو أسلم في مكيل بمكيال رجل بعينه لا يجوز العقد؛ لأنه يتوهم هلاك ذلك المكيال، وهو مخالف لغيره من المكاييل، فإذا هلك صار مقدار المسلم فيه مجهولاً، فكذلك ههنا يجب التحرز عن هذه الجهالة بإعلام مقدار رأس المال، بخلاف ما إذا كان رأس المال ثوباً؛ لأن الذرعان في الثوب المعين صفة فلا يتعلق عقد السلم بمقداره إلى آخر ما ذكرنا (٤)، كذا في المبسوط (٥).

إذا كان له حمل ومؤنة، الحمل بالفتح مصدر حمل الشيء، ومنه ما له حمل ومؤنة، يعنون ما له نقل يحتاج في حمله إلى ظهر أو أجرة حمال، وبيانه في لفظ الأصل مال (٦) مؤنة في الحمل، كذا في المغرب (٧).

وإنما قيد بهذا؛ لأنه إذا لم يكن له حمل ومؤنة فلا خلاف أن بيان مكان الإيفاء وليس (٨) بشرط.

ولكن عند أبي يوسف ومحمد [رحمهما الله] (٩) في أظهر الروايتين: يجب تسليمه في مكان العقد؛ لأنه موضع الالتزام.

وفي رواية أخرى عنهما: أنه يسلم إليه حيث ما لقيه (١٠)، وهو قول أبي حنيفة -رحمه الله- سواء بيّنا (١١) المكان أو لم يبيّنا (١٢)؛ لأن الشرط الذي ليس بمفيد (١٣) لا يكون معتبرًا، والمالية فيما لا حمل له ولا مؤنة لا (١٤) يختلف باختلاف الأمكنة، إنما نختلف (١٥) لعزة (١٦) الوجود وكثرة الوجود، وأما فيما له حمل ومؤنة (١٧) فيختلف ماليته باختلاف المكان، وأن (١٨) الحنطة والحطب موجود في المصر والسوار (١٩) جميعًا، ثم يشتري في المصر بأكثر ما يشتري به في السواد (٢٠)، وما كان ذلك إلا لاختلاف المكان، كذا في المبسوط (٢١).


(١) في (ت): معيار.
(٢) في (ت): المال.
(٣) في (ت): ولا.
(٤) في (ت): ذكر.
(٥) المبسوط (١٢/ ١٢٩).
(٦) في (ت): ماله.
(٧) المغرب (١/ ١٨٢).
(٨) في (ت): ليس.
(٩) ما بين المعقوفين زيادة من (ع).
(١٠) في (ع): يصيبه.
(١١) في (ع): عينا.
(١٢) في (ع): يعينا.
(١٣) في (ع): بمقيد.
(١٤) في (ع): ولا.
(١٥) في (ع): يختلف.
(١٦) في (ع): بغيره.
(١٧) في (ع): مؤنة.
(١٨) في (ع): فإن.
(١٩) في (ع): والسواد.
(٢٠) السَّواد: القُرى. التعريفات الفقهية (١/ ١١٧).
(٢١) المبسوط (١٢/ ١٢٨).