للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا الخلاف الثمن والأجرة والقسمة، أي هل يشترط بيان مكان إيفاء الثمن إذا كان له حمل ومؤنة في ثمن بيع العين أم لا؟

فعند أبي حنيفة -رحمه الله- يشترط، حتى لو لم يبينا مكان إيفاء الثمن ليفسد (١) البيع عنده، وعندهما لا يفسد، وذكر الإمام قاضي خان وكذا أيضاً في المبسوط (٢): وكل شيء أسلم فيه وله حمل ومؤنة، ولم يبين المكان الذي يوفيه فيه فهو فاسد، وما ليس له حمل و [لا] (٣) مؤنة، ولم يسم المكان فهو جائز، ويوفيه (٤) في المكان الذي أسلم فيه، وهذا قول أبي حنيفة -رحمه الله-، وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: وكذلك ما له حمل ومؤنة يجوز السلم فيه، فإن هنا (٥) المكان تعين ذلك المكان، وهو قول أبي حنيفة الأول، وهذا الاختلاف في فصول أربعة:

أحدها: السلم وهو الذي ذكرناه، والثاني: إذا باع عبدًا بحنطة موصوفة في الذمة إلى أجل، يشترط بيان مكان الإيفاء لجواز العقد عند أبي حنيفة، وعندهما لا يشترط بيان مكان الإيفاء، ومن المشايخ من قال في ثمن المبيع: لا يشترط البيان عند الكل، والصحيح أنه على الخلاف؛ لأن الثمن في البياعات كالأجرة في الإجارات، والثالث: إذا استأجر داراً بما له حمل ومؤنة دينًا في ذمته، وعند (٦) أبي حنيفة -رحمه الله- يشترط بيان مكان الإيفاء، وعندهما يتعين موضع الدار (للإيفاء لا موضع العقد) (٧)، والرابع: إذا اقتسما داراً بينهما واحد أحدهما زيادة على نصيبه، وشرط على نفسه مكيلاً أو موزونًا دينًا في الذمة له حمل ومؤنة، عند أبي حنيفة -رحمه الله- يشترط بيان مكان الإيفاء، وعندهما لا يشترط.

ومكان تسليم الدابة للإيفاء، يعني إذا استأجر الدابة وجعل أجرتها مقداراً من الحنطة [يجب] (٨) إيفاء الحنطة في الموضع الذي سلم الآجر الدابة إلى المستأجر، وما لم يكن له حمل ومؤنة (مثل الزعفران) (٩) وصغار اللؤلؤ، قيل (١٠): لا يتعين؛ لأنه لا يفيد؛ لأنه لا يلزمه نقله مؤنة، ولا تختلف ماليته باختلاف الأمكنة كبقعة واحدة فيما ذكرنا، وهو أنه لا تختلف قيمته باختلاف المحلة، وعن هذا قالوا: من دفع ماله مضاربة إلى رجل ليعمل بالكوفة، وله (١١) أن يعمل به في أي مكان، وفي أي محلة كانت بالكوفة، وكذلك لو استأجر دابة ليعمل عليها بالكوفة فالإجارة جائزة.


(١) في (ت): يفسد.
(٢) المبسوط (١٤/ ٣٨).
(٣) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٤) في (ت): يوفيه.
(٥) في (ت): بينا.
(٦) في (ت): عند.
(٧) في (ت): لإيفاء الأجرة.
(٨) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٩) في (ت): كالزعفران.
(١٠) في (ت): وقيل.
(١١) في (ت): فله.