للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيصير نظير (أو لا وقال) (١) الإمكان، يعني أن الجزء الأول يتعين لنفس الوجوب بعدم مزاحمة الآخر، وإن لم يتعين لوجوب الأداء، والجمع بينهما من حيث عدم مزاحمة الآخر كالقرض والغصب، أي يتعين مكان القرض والغصب للتسليم.

ولأبي حنيفة -رحمه الله-: أن التسليم غير واجب (في الحال، أي) (٢) في السلم، فلا يتعين.

بخلاف (القرض والغصب) (٣)، وذلك لأن موضع الالتزام إنما يتعين للتسليم بسبب يستحق به التسليم بنفس الالتزام، كالقرض والغصب، والاستهلاك والسلم لا يجوز إلا مؤجلاً، فعرفنا أنه لا يستحق التسليم عقيب العقد فيه بحال، وإنما استحقاق التسليم عند حلول الأجل، وعند ذلك لا يدري أنه في أي مكان يكون.

ثم قال: أرأيت لو عقد عقد السلم في السفينة في لجة البحر أكان يتعين في موضع العقد للتسليم عند حلول الأجل، هذا مما لا يقوله عاقل.

والدليل عليه أن مكان العقد لو تعين (لتسليم المسلم) (٤) فيه لم يجز تغييره بالشرط لمكان (٥) المبيع (٦) في بيع العين، فإنه لو باع [فإنه لو باع] (٧) حنطة في السواد بشرط أن يسلمها في المصر لا يجوز العقد، ولما جاز ههنا لبيان (٨) مكان الإيفاء عرفنا أن موضع العقد غير متعين، وصار (٩) كجهالة الصفة.

يعني [أن] (١٠) باختلاف الصفة تختلف القيم، فكذلك باختلاف الأمكنة تختلف القيم.

وعن هذا، أي وعن اختلاف القيم باختلاف المكان، أن الاختلاف فيه، أي في المكان يوجب التخالف كما في الصفة، أي الاختلاف في صفة الثمن، أو (١١) المثمن يوجب التخالف بأن اختلفا في جودته ورداته.

وقال في الكتاب في باب التخالف من كتاب الدعوى والاختلاف (١٢): في وصف الشيء (١٣) وجنسه بمنزلة الاختلاف في القدر في جريان التحالف، وقيل على عكسه، أي لا يوجب التخالف عنده، وعندهما يوجب؛ لأن تعيين (١٤) المكان عندهما لما ثبت بمجرد وجود العقد فيه كان من جملة قضية العقد، والاختلاف فههنا (١٥) يوجب التخالف بالإجماع، فيجب أن يكون ههنا كذلك، وعند أبي حنيفة -رحمه الله- تعين المكان لما لم يكن من مقتضيات العقد صار بمنزلة الأجل، والاختلاف فيه لا يوجب التخالف فكذا هنا.


(١) في (ت): أوقات أول أوقات.
(٢) في (ت): للحال.
(٣) في (ت): الغصب والقرض.
(٤) في (ت): التسليم.
(٥) في (ت): كمكان.
(٦) في (ت): البيع.
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٨) في (ت): بيان.
(٩) في (ت): فصار.
(١٠) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١١) في (ت): و.
(١٢) فتح القدير (٧/ ٩٥).
(١٣) في (ت): الثمن.
(١٤) في (ت): تعين.
(١٥) في (ت): فيها.