للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلنا: لما عين مكاناً آخر بالنص صار أولى من مكان العقد الذي كنا نعينه بدلالة (١) السلب (٢) الموجب للتسليم من غير نص، غير أن هذا (٣) الشرط يفسد بيع العين؛ لأن المشتري يملك العين بالشرى، وإذا (٤) شرط عليه حملاً زايدًا فقد اشترط عليه عملاً في ملكه مع ما اشترى العين منه، ثم سمى الثمن بإزاء ذلك كله صار ما يقابل الحمل إجارة، فيصير صفقة في صفقة فيبطل بالشرط الفاسد، ورب السلم لا يملك عينًا قبل القبض، فيكون النقل إلى مكان آخر (٥) عملاً من البائع في مال نفسه، فلا يصير مؤاجراً لغيره (٦)، فلا يصير هذا الشرط صفقة في ص، فقة فلا يصير فاسدًا، كذا في المبسوط والأسرار (٧).

وذكر في الفوائد الظهيرية (٨): فإن قيل: لم قلتم بأن في بيع العين متعين (٩) مكان البيع مكاناً للتسليم، والدليل على أنه لا يتعين ما يروى عن محمد -رحمه الله- في رجل باع طعاماً، والطعام في السواد، وإن (١٠) كان المشتري يعلم مكان الطعام فلا خيار له، وإن كان لا يعلم فله الخيار، ولو تعين مكان البيع مكاناً للتسليم لما كان له الخيار.

ثم قيل: إنما يجوز البيع إذا كانت خواني (١١) الحنطة في بيت واحد، فإن كانت في مصر وسواد فالبيع فاسد؛ لإفضائه إلى المنازعة؛ لأن المشتري يطالبه بالتسليم في أقرب الأماكن (١٢)، والبائع (يسلمه إليه في أبعد الأماكن) (١٣).

وهذا كله دليل على أن مكان البيع لا يتعين مكاناً للتسليم في بيع [العين] (١٤).

قلنا: مكان البيع يتعين مكاناً بالتسليم (١٥) إذا كان المبيع حاضراً، والمبيع في السلم حاضر؛ لأنه في ذمة المسلم إليه، والمسلم إليه حاضر في مكان العقد، فيكون المبيع حاضراً بحضوره، وفي بيع العين إذا كان المبيع حاضراً في مكان البيع يستحق تسليمه فيه، وإن كان غائباً يستحق تسليمه في مكانه الذي استحق تسليم الثمن، ثم في السلم يستحق تسليم رأس المال في مكان العقد فيستحق تسليم ما يقابله في ذلك المكان أيضاً تسوية بينهما بقدر الوسع والإمكان.


(١) في (ع): دلالة.
(٢) في (ع): السبب.
(٣) في (ع): لهذا.
(٤) في (ع): فإذا.
(٥) في (ت): لآخر.
(٦) في (ت): العين.
(٧) المبسوط (٢٣/ ١٩).
(٨) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٦/ ١٧٦).
(٩) في (ت): يتعين.
(١٠) في (ت): فإن.
(١١) في (ت): حوالق.
(١٢) في (ت): المواضع.
(١٣) في (ت): على عكسه.
(١٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١٥) في (ت): للتسليم.