للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكنا نقول: السلم أخذ عاجل بآجل، فيشترط كون أحد البدلين فيه معجلاً، كما يشترط أن يكون الآخر مؤجلاً؛ ليتوفر على هذا العقد مقتضاه، والتعجيل إنما يحصل بالقبض في المجلس، فكان ينبغي (أن يشترط) (١) اقتران القبض بالعقد، فإنه أتم ما يكون من التعجيل، ولكن الشرع جعل ساعات المجلس كحالة العقد؛ تيسيراً كما في عقد الصرف.

لينقلب المسلم إليه فيه فيقدر على التسليم، أي اشترط (٢) قبض رأس المال في المجلس لينصرف المسلم إليه في رأس المال، فيقدر المسلم إليه على تسليم المسلم فيه.

ولهذا قلنا: إيضاح لاشتراط القبض المستفاد من قوله: ولأنه لا بد من تسليم رأس المال إذا كان فيه، أي في السلم؛ لأنه، أي لأن خيار الشرط يمنع تمام القبض؛ لأن الخيار يمنع الملك فيمنع صحة تمام القبض، وأنه (٣) شرط بالإجماع.

لكونه مانعًا من الانعقاد في حق الحكم، أي لكون خيار الشرط مانعًا من انعقاد العقد في حق الحكم، وهو ثبوت الملك، فيكون مانعًا لما هو مبني على الملك، وهو القبض.

وهذا بخلاف الاستحقاق، فإن رأس المال إذا وجد مستحقاً لم يمنع الاستحقاق تمام القبض، حتى لو افترق (٤) بعد القبض ثم أجاز المالك صح العقد، وإن كان الاستحقاق يمنع الملك؛ لأن امتناع الملك ليس بقضية السبب، فإن السبب وجد مطلقاً لا مانع فيه، وإنما امتناع الملك لتعلق حق ثالث، فإذا أجاز المالك التحقت الإجازة بحالة العقد، وبقاء حقه قبل الإجازة لا يمنع صحة القبض الذي يتم به العقد، كما لا يمنع عن (٥) انعقاد العقد عليه، أما خيار الشرط فيعدم الملك، ويجعل العقد في حق الحكم كالمتعلق بشرط سقوط الخيار، فكان تأثيره أكثر من تأثير عدم القبض، وعدم قبض رأس المال في المجلس مبطل للسلم، فاشتراط الخيار فيه أولى.

وهذا لأن القبض حكم العقد، وقد صار العقد بشرط الخيار في حق الحكم كالمتعلق، والمعلّق بالشرط معدوم قبله، وعن هذا قلنا أن إعتاق المشتري لا يتوقف، أي لا يصح أصلاً إذا كان في البيع خيار للبائع، وإعتاق المشتري من الفضولي يتوقف.

وبهذا يتبين أن القبض لا يتم بخيار الشرط، فالافتراق (٦) قبل تمام القبض مبطل للعقد، كذا في الإيضاح والمبسوط (٧).

لأنه غير مقيد، أي لأن خيار الرؤية لا يثبت في السلم غير مقيد فائدته؛ لأن فائدة خيار الرؤية الفسخ بحكم خيار الرؤية، والفسخ بخيار الرؤية لا يثبت في السلم، وذلك لأنه متى رئي (٨) المقبوض لخيار (٩) الرؤية لا ينفسخ السلم (١٠)؛ لأن الفسخ لم يرد [على] (١١) عين ما تناوله العقد، وأن (١٢) العقد لم يتناول هذا المقبوض بعينه، وإنما يتناول مثله دينًا في الذمة (فلا ينفسخ) (١٣) العقد برده، بل يعود حقه إلى مثله، فإذا (١٤) لم يفد لا يثبت في بيع العين ينفسخ بالرد بخيار الرؤية فيفيد فائدته فيثبت، كذا في مبسوط شيخ الإسلام (١٥).


(١) في (ت): اشتراط.
(٢) في (ت): اشتراط.
(٣) في (ت): فإنه.
(٤) في (ت): افترقا.
(٥) في (ت): من.
(٦) في (ت): والافتراق.
(٧) المبسوط (١٢/ ١٤٣).
(٨) في (ت): رد.
(٩) في (ت): بخيار.
(١٠) في (ت): المسلم.
(١١) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١٢) في (ت): فإن.
(١٣) في (ت): فانفسخ.
(١٤) في (ت): وإذا.
(١٥) المبسوط (١٣/ ٧)، الأصل المعروف بالمبسوط (٥/ ٢٧٩).