للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحاصله أن رد المسلم فيه لا يوجب الفسخ؛ لأنه لو رد بخيار الرؤية كان الواجب في ذمته كما كان؛ لأن هذا عين، وما وجب في ذمة المسلم إليه بعقد السلم دين، فكان المقبوض غير المبيع، وخيار الرؤية ثابت في المبيع لا في غير المبيع.

فإن قلت: يشكل على هذا الاستصناع، فإن ذلك دين في ذمة الصانع، ومع ذلك كان للمستصنع خيار الرؤية على ما يجيء، فعلى ما ذكرت من الوجه بأن (١) خيار الرؤية ثابت في المبيع بالنص لا في غير المبيع ينبغي أن لا يثبت فيه خيار الرؤية.

قلت: لا نسلم ذلك، بل المعقود عليه في الاستصناع هو العين لا الدين، على ما يجيء في مسألة الاستصناع -إن شاء الله تعالى-.

وكذا لا يثبت فيه خيار الرؤية، أي لا يثبت خيار الرؤية في المسلم فيه دور (٢) رأس المال، فإن خيار الرؤية أو خيار العيب في رأس المال لا يفسد السلم؛ لأنه لا يمنع بثبوت (٣) الملك، كذا في التحفة (٤).

ولو (٥) أسقط خيار الشرط قبل الافتراق ورأس المال قائم حار (٦).

وإنما قيد بقيام رأس المال؛ لأنه إذا كان هالكاً وقت إسقاط الخيار بأن أنفقه حتى صار دينًا عليه لم يصح العقد بإسقاط الخيار؛ لأن ابتداء العقد برأس مال هو دين لا يجوز، فكذلك إتمامه بإسقاط الخيار، كذا في المبسوط (٧).

وقد مر نظيره، وهو ما إذا باع إلى أجل مجهول ثم أسقط الأجل قبل حلول ينقلب جائزًا عندنا، خلافاً لزفر.

وقال (٨): إعلام رأس المال مشتمل على بيان جنسه وقدره ووصفه (٩)، والقدرة على تحصيله بأن كان موجودًا من وقت العقد إلى حين الحل.

فإن أسلم مائتي درهم في كر حنطة، مائة منها دين على المسلم إليه، ومائة نقد، والسلم (١٠) في حصة الدين باطل.

وإنما قيد لقوله: (١١) مائة منها دين على المسلم إليه؛ لأن المائة لو كانت دينًا على الأجنبي، والمسألة بحالها تشيع الفساد في الكل، على ما يجيء.

ثم المسألة على وجهين: إما أن أطلق (١٢) العقد بأن قال: أسلمت إليك مائتي درهم في كر حنطة، ولم نصف (١٣) إلى الدين، ثم جعلا مائة من رأس المال قصاصاً بالدين، وهذا لا يشكل بأن الفساد لا يشيع في الكل؛ لأن الفساد طارئ، والفساد الطارئ لا يفسد العقد، كما إذا (١٤) باع عبدين، ثم مات أحدهما قبل القبض، كان الباقي مبيعًا بالبيع (١٥) بالحصة طارئاً.


(١) في (ت): أن.
(٢) في (ت): دون.
(٣) في (ت): ثبوت.
(٤) تحفة الفقهاء (٢/ ٢٣).
(٥) في (ت): فلو.
(٦) في (ت): جاز.
(٧) المبسوط (١٢/ ١٤٤).
(٨) في (ت): وقوله.
(٩) في (ت): وصفته.
(١٠) في (ت): فالسلم.
(١١) في (ت): بقوله.
(١٢) في (ت): يطلق.
(١٣) في (ت): يصف.
(١٤) في (ت): لو.
(١٥) في (ت): فالبيع.