للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما إذا قيد بأن أضاف السلم إلى ذلك الدين فقال: أسلمت [إليك] مائتي درهم في كر حنطة مائة منها الدين الذي عليك، فكذلك؛ لأن الدراهم لا تتعين في العقود إذا كانت عينًا، فلا (١) تتعين إذا كانت دينًا، ولهذا لو اشترى من رجل شيئاً بدين له عليه، ثم تصادقا أن لا دين، لا يبطل العقد، وإذا لم يتعين الدين كانت الإضافة إلى الدين والإطلاق فيه سواء.

فإن قيل: ما ذكرتم منتقض بمسائل ثلاث:

إحداها: أن الرجل إذا قال: إن بعت هذا العبد بهذا الكر وبهذه (٢) الدراهم فهما (في المساكين) (٣) صدقة، فباعه بهما يحنث ويلزمه التصدق بالكر، وهذا أنه تعين النقود في العقود.

والثانية: أن الرجل إذا باع ديناراً بعشرة، فنقد الدينار ولم يقبض العشرة حتى اشترى بالعشرة ثوباً، فالبيع فاسد.

والثالثة: إذا باع عينًا بدين، وهما يعلمان أن لا دين، فالبيع فاسد، ولو كان الإطلاق والتقييد سواء لجاز العقدان، ولما جيب في المسألة الأولى.

قلنا: (٤) أما الأولى فنحن ندعي أن العقود (٥) لا يتعين (٦) في العقود، أي استحقاقاً لا جوازاً فلا يلزم؛ (لأنها يتعين جواز الاستحقاق) (٧).

وأما الثالثة: فلأن البيع إنما لم يجز لمكان التهازل بالبيع؛ لأن هذا بيع بلا ثمن، فيكون منهما تهازلاً به، وهي تتعين في حق الجواز، وهكذا نقول في المسألة الثانية؛ (لانتقاضه الصرف) (٨)، باختلاف المجلس بالاشتغال بالعقد الآخر، فيتحقق البيع بلا ثمن، فيمتنع الجواز باعتبار التهازل، كذا في الفوائد الظهيرية.

وقيل: هذا إذا أسلم مائتين مطلقاً ثم قاصدًا المائة بما عليه، فأما إذا قال: أسلمت مائة الدين وهذه المائة النقد بطل العقد فيهما عند أبي حنيفة -رحمه الله-؛ لأن حصة الدين بطل (٩) العقد فيها (١٠)، وقد جعل حصته شرطًا في الباقي فبطل الجميع، والصحيح أن الجواب فيهما واحد؛ لأن العقد لا يتقيد بالدين، وإن قيّد أنه (١١) بدليل أنه لو اشترى عينًا بدين ثم تصادقا أن لا دين لا يبطل العقد، إلا إذا كان (العلمان علم) (١٢) الدين كان فاسدًا؛ لأنه بيع بلا ثمن، بخلاف المائة على ثالث حيث يشيع الفساد؛ لأنها (١٣) ليست بمال في حقهما، كذا ذكره الإمام التمرتاشي (١٤).


(١) في (ت): ولا.
(٢) في (ت): وهذه.
(٣) في (ت): للمساكين.
(٤) في (ت): قيل.
(٥) في (ت): النقود.
(٦) في (ت): تتعين.
(٧) في (ت): من تعينها جواز تعينها استحقاقًا.
(٨) في (ت): انتقاض التصرف.
(٩) في (ت): يبطل.
(١٠) في (ت): فيهما.
(١١) في (ت): به.
(١٢) في (ت): يعلمان عدم.
(١٣) في (ت): فإنها.
(١٤) فتح القدير (٧/ ١٠٠).