للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا (١) الذي ذكرنا (٢) من أصل المسألة كله عندنا، وعن زفر -رحمه الله-: أن العقد في الكل باطل، أما في حصة الدين فلنهي النبي -عليه السلام- عن الكالئ بالكالئ (٣)، وهذا فساد قوي يمكن في البعض فيفسد به الكل، باعتبار أنه جعل قبول العقد في حصة الدين شرطًا للقبول في حصة العين، وهذا شرط فاسد.

ومذهبنا مروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ثم (٤) يعتبر البعض بالكل في الدين والعين جميعًا، وحقيقة المعنى أن العقد انعقد صحيحًا في الكل، حتى لو نقد جميع المائتين في المجلس كان العقد صحيحًا لما أن العقد لا يتعلق بالدين المضاف إليه، وإنما يتعلق بجنسه إلى آخره، كذا في المبسوط (٥).

ولا يجوز التصرف في رأس المال إلى أن قال: ولا يجوز الشركة والتولية، فصورة الشركة أن يشرك آخر [معه] (٦) في المسلم فيه، وأنه بيع بعض المبيع قبل القبض، وصورة التولية ظاهرة.

فإن قيل: فأي فائدة في تخصيص الشركة والتولية بعدما ذكر الأعم منهما وهو قوله: ولا يجوز التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض.

قلنا: أن أحدًا لا يشتري المسلم فيه مرابحةً؛ لكونه دينًا، لا وضيعة؛ لكونها ضرراً ظاهراً، فلو (٧) اشترى بما (٨) يشتريه بمثل ما اشتراه رب السلم رغبة في كله، وهو التولية، أو في بعضه، وهو الشركة، فلذلك (٩) خصّهما بالذكر؛ لتصور التصرف فيهما من هذا الوجه.

ووجدت بخط شيخي -رحمه الله-: وإنما وضع [هذه] (١٠) المسألة في التولية؛ لنوع إشكال، وذلك أن (١١) من العلماء من يجوّز (١٢) التولية في بعض (١٣) العين والسلم قبل القبض، وقال: التولية إقامة معروف، فإنه يولي غيره ما تولى، فوضع المسألة فيها؛ ليبين أن ذا ليس بشيء؛ لأن التولية بيع، إلا أنه يمثل الثمن الأول.

وفي المبسوط (١٤): لا (١٥) يستطيع رب السلم أن يبيع ما أسلم فيه قبل القبض؛ لأن المسلم فيه مبيع، وبيع المبيع قبل القبض لا يجوز؛ لأنه لما بعث رسول الله -عليه السلام- عتاب بن أسيد -رضي الله عنه- قاضياً وأميراً قال: «انههم عن ِأربعة: [عن بيع] ما لم يقبضوا، وعن ربح ما [لم] (١٦) يضمنوا، وعن شرطين في بيع، وعن بيع وسلف» (١٧)، ولأن العين أقبل للتصرف من الدين، ثم المبيع العين إذا كان منقولاً لا يجوز التصرف فيه قبل القبض؛ لبقاء الغرر في الملك المطلق للتصرف، فإذا كان دينًا أولى، وذلك الغرر ههنا قائم، فإن (١٨) الدين يتوى بفوات محله، يعني إذا مات المديون مفلساً، ولهذا يبطل (١٩) الحوالة.


(١) في (ت): هذا.
(٢) في (ت): ذكرناه.
(٣) تقدم.
(٤) في (ت): لم.
(٥) المبسوط (١٢/ ١٤٣).
(٦) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٧) في (ت): ولو.
(٨) في (ت): إنما.
(٩) في (ت): فكذلك.
(١٠) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١١) في (ت): لأن.
(١٢) في (ت): جوز.
(١٣) في (ت): بيع.
(١٤) المبسوط (١٢/ ١٦٣).
(١٥) في (ت): ولا.
(١٦) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١٧) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٠٦٨٢)، وقال: تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْأَيْلِيُّ وَهُوَ مُنْكَرٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
(١٨) في (ت): بأن.
(١٩) في (ت): تبطل.