للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما القرد فقد اختلفت الروايات فيه عن أبي حنيفة، روى الحسن -رحمه الله-: أنه يجوز بيعه، وروى أبو يوسف عنه: أنه لا يجوز بيعه.

وروى ابن رستم (١) عن محمد: أن (٢) بيعه وبيع الفيل جائز؛ لأنه منتفع به حقيقة وشرعًا، فهو كسائر الحيوانات (٣).

وأما الهرة فقد ذكر شيخ الإسلام: أنه يجوز بيعها، وسئل عطاء بن رباح (٤) عن ثمن الهرة، فقال: لا بأس به، كذا في الذخيرة والمحيط (٥).

وذكر الإمام التمرتاشي (٦): بيع كل ذي ناب من السباع و [كل] (٧) ذي مخلب من الطيور (٨) جائز، معلمًا كان (أو لا) (٩)، إلا الخنزير.

وقال الشافعي -رحمه الله-: لا يجوز بيع الكلب والنمر والأسد.

أن من السحت مهر البغي، [وثمن الكلب] (١٠)، أي أن من الحرام أجرة الزانية من بغت المرأة بغا بالكسر والمد أي زنت فهي بغي، والجمع بغايا، وقوله تعالى: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (١١) مثل قوله: ملحفة حديد.

عن الأخفش (١٢): كذا في الصحاح (١٣)، يعني كان من حقها (١٤) أن يقال: [أنها] (١٥) بغية لأنها فعيل بمعنى فاعلة، والحكم فيه أنه يفرق بين المذكر والمؤنث كعليم وعليمة، إلا أنه قد يشبه فعيل فاعل تفعيل بمعنى مفعول فلا يفرق بينهما، بالثامنة قولهم: ملحقة جديد وهذا ملحق به، فكان متيقنًا به، أي فكان جواز البيع متيقنًا.


(١) إبراهيم بن رستم، أبو بكر المروزي، فقيه حنفي من أصحاب مُحَمَّد بن الحسن، أخذ عن مُحَمَّد وغيره من أصحاب أبي حنيفة، وسمع من مالك والثوري وحماد بن سلمة وغيرهم، وعرض المأمون عليه القضاء فامتنع. وثقه بعض أهل الحديث، وقال بعضهم: منكر الحديث، من تصانيفه: "النوادر" كتبها عن مُحَمَّد. الجواهر المضيئة (١/ ٣٨)، الفَوَائِد البهية (١/ ٩).
(٢) في (ت): أنه يجوز.
(٣) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ٣٤٨).
(٤) عطاء بن أبى رباح القرشي، واسم أبى رباح أسلم، نشأ بمكة وكان أسود أعور أشل أعرج، ثُمَّ عمى في آخر عمره، وكان من سادات التابعين فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلًا لم يكن له فراش إِلاَّ المسجد الحرام إلى أن مات سنة أربع عشرة ومائة. التاريخ الكبير (٦/ ٤٦٣)، الجرح والتعديل (٦/ ٣٣٠).
(٥) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ٣٤٨).
(٦) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ١٢٦).
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٨) في (ت): الطير.
(٩) في (ت): أو غير معلم.
(١٠) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١١) [مريم: ٢٨].
(١٢) أبو الحسن عليّ بن سليْمان بن الفضل، قَدِم مِصرَ سنة سبع وثمانين ومئتين، وخرج إلى حلب، ثم عاد إلى بغداد، وتوفي بها، وهو ابن ٨٠ سنة. له تصانيف، منها " شرح سيبويه " و " الأنواء " و " المهذب ". طبقات النحويين واللغويين لمحمد بن الحسن بن عبيد الله بن مذحج الزبيدي الأندلسي الإشبيلي، أبي بكر، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة: الثانية، الناشر: دار المعارف (١/ ١١٥)، الأعلام، (٤/ ٢٩١).
(١٣) الصحاح تاج اللغة (٦/ ٢٢٨٢).
(١٤) في (ت): حقه.
(١٥) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).