للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما لو قال: خذ هذه الخمسين من ثمن السيف خاصة، وقال الآخر: نعم، أو قال: لا، وتفرقا على ذلك، انتقض البيع في الحلية؛ لأن الترجيح بالاستحقاق عند المساواة في العقد أو الإضافة، ولا مساواة بعد تصريح الدافع، يكون المدفوع من ثمن السيف خاصة، والقول في ذلك قوله؛ لأنه هو المالك، فالقول في بيان جهته (١).

قال: كذا في المبسوط (٢)، في باب الإجارة من عمل التموية من كتاب الصرف، إلا أنه وضع المسألة في اشتراء القلب مع الثوب والحلية في مسألتنا، إذا كانت يتخلص من السيف بدون الضرر صارت بمنزلة القلب مع الثوب، والطوق مع الجارية، وهذا إذا كانت الفضة المفردة أزيد مما فيه.

وفي المبسوط (٣): فأما بيعها، أي بيع الحلية مع السيف بالفضة فعلى أربعة أوجه:

إن كان يعلم أن فضة الحلية أكثر فهو فاسد، وكذلك إن كانت الحلية مثل البعد في الوزن؛ لأن الجفن والحمايل فضل خال عن العوض، فإن مقابلة الفضة بالفضة في البيع يكون بالإجزاء، وإن كان يعلم أن الفضة في الحلية أقل جاز العقد، على أن يجعل المثل بالمثل، والباقي بإزاء الجفن والحمايل عندنا، خلافاً للشافعي، وإن كان لا يدري أيتهما أقل فالعقد فاسد عندنا؛ لعدم العلم بالمساواة عند العقد، وتوهم الفضل، وعند زفر هذا يجوز؛ لأن الأصل هو الجواز، والمفسد هو الفضل الخالي عن العوض، فما لم يعلم به يكون العقد محكومًا بجوازه.

والجواب: ما ذكر في الكتاب وجهه الفساد من وجهين فترجحت، فالوجهان ما إذا كان الذي لا يدري أنه مثل الحلية في السيف، أو مثل الطوق في الجارية، وما إذا كان أقل من الحلية أو من الطوق.

وأما وجه الجواز ما إذا كان الذي لا يدري أزيد من الحلية في السيف، أو من الطوق في الجارية.

فإن قيل: الترجيح إنما يكون لشيء لا يكون علة لإثبات الحكم ابتداء، وههنا كل واحد من الجهتين -أعني المساواة والنقصان- من المقرر علة عدم الجواز ابتداء، فلا يصلح للترجيح.

قلنا: مراده أنه إذا كان أحدهما يكفي للحكم، فما ظنك عند اجتماعهما، لا للترجيح الحقيقي، كذا نقل عن العلامة مولانا شمس الدين الكردري (٤) -رحمه الله-.


(١) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ١٣٧).
(٢) المبسوط (١٤/ ٧٦).
(٣) المبسوط (١٤/ ٥).
(٤) محمد بن عبد الستار بن محمد، العمادي، أبو الوحدة، المعروف بـ"شمس الأئمة الكردري. تفقه على برهان الدين، أبي الحسن، علي بن أبي بكر، صاحب الهداية، والورشكي، والعتَّابي، وغيرهم. وتوفي ببخارى يوم الجمعة، تاسع المحرم، سنة اثنتين وأربعين وستمائة. شرح مختصر الشيخ حسام الدين الأخسيكثي. تاج التراجم (١/ ٢٦٧).