للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو يوسف -رحمه الله-: قيمتها يوم البيع، وعليه الفتوى، فإنه ذكر في الذخيرة (١): الدراهم أو الفلوس إذا انقطعت عن أيدي الناس قبل القبض فللبائع قيمة الدراهم يوم وقع البيع في قول أبي يوسف الآخر، وعليه الفتوى، ثم إذا فسد البيع بالكساد أو بالانقطاع فإن لم يكن المبيع مقبوضاً فلا حكم لهذا البيع أصلاً، وإن كان مقبوضاً إن كان قائمًا رده على البائع، وإن كان مستهلكًا أو هالكًا رجع البائع عليه بقيمة البيع، إن لم يكن المبيع مثلياً، أو بمثله إن كان مثلياً، هذا إذا كسدت الدراهم أو الفلوس، فأما إذا غلب بأن ازدادت قيمتها فالبيع على حاله ولا يتخير المشتري، وإذا انتقضت قيمتها [فالبيع على حاله ولا يتخير المشتري، وإذا انتقضت قيمتها] ورخصت فالبيع على حاله، ويطالبه بالدراهم بذلك العيار الذي كان وقت البيع، والذي ذكرنا من الجواب في الكساد فهو الجواب في الانقطاع، إذا انقطعت الدراهم من أيدي الناس قبل القبض فسد البيع عند أبي حنيفة -رحمه الله-، وحد الانقطاع أن لا يوجد في السوق، وإن كان يوجد في يد الصيارفة وفي البيوت.

ولأبي حنيفة -رحمه الله- أن الثمن يهلك بالكساد فيبطل البيع، كما لو هلك المبيع قبل القبض، ولا يقال أن العقد تناول عينها، والعين باق بعد الكساد، وهو مقدور التسليم.

لأنا نقول أن العقد يناولها بصفة الثمنية؛ لأنها مادامت رابحة فهي تثبت دينًا في الذمة، وبالكساد ينعدم منها صفة الثمنية، وصفة الثمنية في الفلوس والدراهم المغشوش التي غلب غشها كصفة المالية في الأعيان، ولو انعدمت المالية بهلاك المبيع قبل القبض أو يتخمر العصير فسد البيع، فهذا مثله، ذكر مسألة التخمر لهذا الطريق في المبسوط (٢)؛ لأن الثمنية بالاصطلاح، وبالكساد لم يبق الاصطلاح على الثمنية فلم يبق ثمنًا، والبيع بلا ثمن باطل.

وقال: وما بقي، أي ولم يبق الاصطلاح على الثمنية، وكلمة ما للنفي، ولما لم يبق الاصطلاح على الثمنية بقي بيعًا بلا ثمن.

وأما الجواب عن الرطب والرطب مرجو الوصول في العام الثاني غالباً، فلم يكن هلاكًا من كل وجه، فلم يبطل الثمن أصلاً، أما الكساد في الدراهم المغشوشة التي غلب غشها فهلاك الثمنية على وجه لا يرجى الوصول إلى ثمنيتها في ثاني الحال؛ لأن الكساد أصلي، والشيء إذا رجع إلى أصله قلما ينتقل عنه.

وإذا باع بالفلوس النافقة إلى قوله: وهو نظير الاختلاف الذي بيناه، أي في الدراهم المغشوشة، أي يبطل البيع عند أبي حنيفة -رحمه الله-، ويجب على المشتري قيمتها يوم البيع عند أبي يوسف، وقيمتها آخر ما يتعامل الناس بها عند محمد.


(١) المرجع السابق (٦/ ٣٠٥).
(٢) المبسوط (١٣/ ٢٤).