للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن اشترى [شيئاً] بنصف درهم فلوس جاز، قيد بنصف درهم؛ لأنه لو قال بدرهم فلوس لا يجوز عند محمد على ما يجيء.

وقال: بنصف درهم فلوس، أي على نصف درهم ثمن هذا، وذلك النصف من الدرهم من الفلوس لا من الفضة، وهذا إنما يصح أن لو كان ما يدفع من عدد الفلوس بمقابلة نصف درهم معلومًا، وعليه أي وعلى المشتري؛ لأنه هو المذكور بقوله: ومن اشترى شيئاً بنصف درهم ما يباع بنصف درهم من الفلوس.

وقال: من الفلوس بيان لقوله: ما يباع، أي يجب على المشتري إذا اشترى شيئاً بهذا اللفظ الذي ذكره قدر ما يباع من عدد الفلوس بمقابلة نصف درهم فضة، إذا بيعت الفلوس بمقابلة نصف درهم في سوق الصيارفة [فارسي]، يعني وقني كه نيم درهم دهدبصرافانوازايشان فلوس خردا يشان در مقابله نيم درهم نقره جند فلوس من دهند بدين مشتري همان مقدار فلوس لازم شود.

وفي المغرب (١): الدانق بالفتح والكسر قيراطان، والجمع دوانق ودوانيق.

وفي الصحاح (٢): الدانَق والدانِق سدس الدرهم، والقيراط نصف دانق، وأصله قراط بالتشديد؛ لأن جمعه قراريط، فأبدل من أحد حرفي تضعيفه ياء على ما ذكر في دينار.

وقال زفر: لا يجوز في جميع ذلك؛ لأنه يعتبر العدد في الفلوس، فلا يجوز العقد ما لم يبين عدد الفلوس؛ لأن العقد لا يتعلق بالدانق ولا بالدرهم، وإنما يتعلق بالفلوس، فلا بد من أن تكون معلومة العدد، ولا يحصل ذلك بتسمية الدانق والدرهم؛ لأن الناس قد يستقصون في بيع الفلوس وقد يسامحون.

وقول أبي يوسف احتج احتراز عن قول محمد وزفر، فوجه الأصح هو أن يذكر الدرهم والدانق يصير عدد الفلوس معلومًا؛ لأن قدر ما يوجد بالدرهم أو الدرهمين من الفلوس معلوم في السوق، فكانت تسمية الدرهم كتسمية ما تقابله من عدد الفلوس في الإعلام على وجه لا يتمكن المنازعة بينهما.

ومن أعطى صيرفياً، أي صرّافاً وهو من قولهم: للدرهم على الدرهم صرف في الجودة والقيمة أي فصل، وقيل لمن يعرف هذا الفصل ويميز هذه الجودة: صرّاف وصيرفي، كذا في المغرب (٣).

وقال له بعدها: أعطني الدرهم بنصف الدرهم فلوساً، وبنصفه نصفاً إلا حبة، أي أعطني بنصف الدرهم درهمًا صغيراً يساوي نصف الدرهم إلا حبة، فعندهما جاز في الفلوس، وعند أبي حنيفة -رحمه الله- لا يجوز في الكل؛ لأن الفساد قوي؛ لأن فيه مقابلة نصف درهم بنصف درهم مع نقصان حبة وهو ربا، فيشيع الفساد في الكل؛ لأن الصفقة واحدة، كما إذا جمع بين حر وعبد في البيع.


(١) المغرب (١/ ١٦٩).
(٢) الصحاح (٤/ ١٤٧٧).
(٣) المغرب (١/ ٢٦٦).