للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر الإمام التمرتاشي فقال: الفرسخ اثني عشر ألف خطوة. وقيل: الغلوة مقدار رمية سهم.

وَالْمُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ دُونَ خَوْفِ الْفَوْتِ لأنَّ التَّفْرِيطَ يَأْتِي مِنْ قِبَلِهِ (وَلَوْ كَانَ يَجِدُ الْمَاءَ إلا أَنَّهُ مَرِيضٌ يَخَافُ إنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ اشْتَدَّ مَرَضُهُ يَتَيَمَّمُ) لِمَا تَلَوْنَا، وَلأنَّ الضَّرَرَ فِي زِيَادَةِ الْمَرَضِ فَوْقَ الضَّرَرِ فِي زِيَادَةِ ثَمَنِ الْمَاءِ وَذَلِكَ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فَهَذَا أَوْلَى.

-قوله -رحمه الله-: (والمعتبر المسافة دون خوف الفوت) هذا احتراز عن قول زفر -رحمه الله- فإنه يجوز التيمم إذا خاف فوت الوقت وإن كان الماء أقل من ميل على ما ذكرنا آنفًا.

-قوله: (ولأن الضرر (١) في زيادة المرض فوق الضرر في زيادة ثمن الماء)؛ لأن ثمن الماء مال والمال خلق لوقاية النفس فكان تبعًا فلما كان الحرج مدفوعًا عن الوقاية التي هي تبع لأن يكون مدفوعًا عن الموفى الذي هو أصل بالطريق الأولى؛ لأن الضرر لو تحقق إنما يصرف أولاً إلى التبع، ثم عند انعدامه إلى الأصل لا على العكس لما عرف في مسألة الزكاة والمضاربة.

وَلا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَدَّ مَرَضُهُ بِالتَّحَرُّكِ أَوْ بِالاسْتِعْمَالِ. وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ -رحِمَهُ الله- خَوْفَ التَّلَفِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ.

-قوله: (ولا فَرْق بأن يشتدَّ مرضُه بالتحرُّك) كالمبطون [والمشتكي] (٢) [من العِرق المدبّي (٣)، (أو بالاستعمال) كالجدري والحصبة.

قوله -رحمه الله-: (وهو مردود بظاهر النص) لأن قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [المائدة: ٦] يبيح التيمم لكل مريض من غير فصل، فلو [خلينا] (٤) نحن، [وظاهر الآية] (٥) لقلنا بأن يجزئه التيمم وإن كان لا يخاف زيادة مرض أو إبطاء برءٍ إلا أنه خرج هذا عن ظاهر الآية (٦) / ١٨/ ب/ وبقي الباقي على [ظاهره] (٧).

فإن قيل: قد قرن جواز التيمم بالعدم.

قلنا: ذلك في حق المسافر، فأما في حق المريض فالعدم ليس بشرط؛ لأن المرض سبب الموت، فإذا خاف زيادة المرض فقد خاف سبب التلف فجاز له التيمم، الدليل على أن الخوف عن سبب التلف يبيح له التيمم ما إذا كان معه ماء في السفر وهو يخاف العطش على نفسه فإنه يجوز له التيمم، فكذا هذا، «ولأن زيادة المرض بمنزلة خوف الهلاك في إباحة الفطر وجواز الصلاة قاعدًا أو بالإيماء فكذلك في حكم التيمم؛ وذلك لأن حرمة النفس لا تكون دون حرمة المال» إلى آخر ما ذكرنا، كذا في «المبسوطين» (٨).


(١) في (ب): «الضرورة».
(٢) في (ب): «والمستكن».
(٣) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): «جُلينا».
(٥) ساقط من (ب).
(٦) يعني قول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}. النساء [٤٣]، المائدة [٦].
(٧) في (ب): «ظاهرها».
(٨) المبسوط للسرخسي (١/ ١١٢) باب التيمم).