للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: ثم الشافعي يرى التيمم للجنب [بدليل] (١) ما أشار إليه في «الخلاصة الغزالية» (٢)، وبدليل التفريع على قوله ذلك في المنظومة بقوله:

والجنب المجروح ثلثاه [أعلم] (٣) … بغسل ما صح مع التيمم (٤).

ومع ذلك حمل الملامسة في الآية على المس باليد فكان هو مخالفًا للطائفتين من الصحابة، فإن كل من حمل الملامسة على المس باليد لم ير جواز التيمم للجنب، ومن حملها على الجماع رأى جواز التيمم على الجنب على ما حكينا، ثم شرع ببيان ما يصح به التيمم فقال:

(وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ -رَحِمَهُمَا اللَّهُ- بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، كَالتُّرَابِ، وَالرَّمَلِ، وَالْحَجَرِ، وَالْجِصِّ، وَالنُّورَةِ، وَالْكُحْلِ، وَالزِّرْنِيخِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لا يَجُوزُ إلا بِالتُّرَابِ وَالرَّمَلِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لا يَجُوزُ إلا بِالتُّرَابِ الْمُنْبِتِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ -رحِمَهُ الله- لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} أَيْ تُرَابًا مُنْبِتًا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-، غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ زَادَ عَلَيْهِ الرَّمَلَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ.

-قوله: (ويجوز التيمم عند أبي حنيفة ومحمد بكل ما كان من جنس الأرض).

قيل: إن كل ما يحترق بالنار فيصير رمادًا كالشجر أو ينطبع ويلين كالحديد ليس من جنس الأرض، وما عدا ذلك فهو من جنس الأرض، كذا في «الزاد» (٥) و «التحفة» (٦).

وقال في «المغرب» (٧): وهمزو «النورة» (٨) [خطأوجعل] (٩) جواز التيمم بالرمل على قول أبي يوسف قولاً له مرجوعًا عنه في «المبسوط» (١٠) وقال: وكان أبو يوسف يقول أولاً: لا [يجزئه] (١١) التيمم إلا بالرمل والتراب، ثم رجع فقال: لا [يجزئه] (١٢) إلا بالتراب الخالص وهو قول الشافعي (١٣).


(١) ساقطة من (ب).
(٢) انظر: الخلاصة الغزالية ص (٨١، ٨٢).
(٣) في (ب): «بأعلم».
(٤) لم أقف على قائله فيما اطلعت عليه من كتب الشعر.
(٥) كتاب الزاد، للشيخ، الإمام علي الإسبيجاني -مخطوط- كشف الظنون (٢/ ١٤٢٢).
(٦) التحفة في الفقه للإمام علاء الدين السمرقندي -مخطوط- أسماء الكتب المتمم لكشف الظنون (١/ ٨٧).
(٧) المغرب (١/ ٤٧٣).
(٨) النورة: ما يُطلى به، وهي: حجر الكلس (الجير)، ثم غلبت على أخلاط تضاف إلى الكلس من زرنيخ وغيره يُزال بها الشعر طلاء. انظر: المصباح المنير (٢/ ٩٧٤)، والمعجم الوسيط (٢/ ١٠٠) مادة [ن و ر].
(٩) في (ب): «أنه خطأ وحصل».
(١٠) في المبسوط (١/ ١٠٨): «يوسف».
(١١) في (ب): «يجوز».
(١٢) في (ب): «يجوز».
(١٣) مذهب الحنفية: أنه يجوز التيمم بكل ما يكون من جنس الأرض من تراب أو طين أو جص أونورة أو زرنيخ أو كحل أو حجر أو مما يكون من الأرض سوى ذلك، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد ابن الحسن وهو قول أبي يوسف القديم، وقال في الجديد: لا يجوز التيمم إلا بالتراب والرمل وبه أخذ الطحاوي، انظر: مختصر الطحاوي ص (٢٠)، المبسوط (١/ ١٠٨)، تحفة الفقهاء (١/ ٤١)، شرح فتح القدير (١/ ١٢٧، ١٢٨)، بدائع الصنائع (١/ ٥٣). ومذهب الشافعية: أنه لا يصح التيمم إلا بالتراب الطاهر الخالص الذي لا غبار، سواء كان أحمر أو أسود أو أصفر أوغيره، ولا يجوز التيمم بما عدا ذلك من أجزاء الأرض المتولدة عنها كالجص، والنورة، والزرنيخ، وسائر المعادن، والاحجارة الدقوقة، والقوارير المسحوقة وأشباهها. انظر: الأم (١/ ٩٩)، الحاوي الكبير (١/ ٢٨٧ - ٢٩١) الوسيط في المذهب (١/ ٣٧٥)، روضة الطالبين (١/ ١٠٨، ١٠٩) المجموع (٢/ ٢٤٦ - ٢٤٨) كفاية الأخيار (ص ٦١)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (١/ ١١٦).