للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: أنَّه تام لإثبات هذا الحكم ابتداءً، فأمَّا جزاءً على معصية، فلا يتم إلا عطفاً على الجلد؛ لأنَّ المعصية ذكرت قبل الجلد، وأنَّه كقولك: إذا دخلت الدار ففاطمة طالق، وسالمٌ حرٌ، كان سالم عطفاً، وهو تام ابتداءً، لكنَّه ناقص يميناً؛ لأنَّه لم يذكر له شرط على حدِّه، كذا في الأسرار.

وأمَّا قوله: فامرأته طالق وعبده حر إلا أنْ يدخل الدار، فالموضع موضع الإنشاء، فكان أول الكلام متوقفاً إلى آخره إذا كان في آخره ما يغيره، فالاستثناء مما [يغير] (١) الكلام؛ فلذلك انصرف الاستثناء في الأشياء إلى جميع ما تقدم، بخلاف الإقرار، فإنَّه إظهار أمر ثابت، [فالاستثناء] (٢) في آخره إنَّما يَعمَلُ في جميع ما تقدم إذا كان الواو للعطف من كل وجه، وليس الواو في قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٣) للعطف، فلا يُصرف الاستثناء إلى ما قبله.

وأمَّا الجواب عن الآخر فما ذكر في المبسوط (٤) بقوله: «وحجتنا فيه قوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (٥)، والأبد ما لا نهاية له؛ فالتنصيص عليه في بيان رد شهادته دليلٌ على أنَّه يتناول الشَّهادة على التأبيد.

ومعنى قوله تعالى: {لَهُمْ}؛ أي: للمحدودين في القذف، وبالتوبة لا تخرج من أن يكون محدوداً في قذف».

«ولما ذكرنا من الدليل أنَّ ردَّ الشَّهادة من تمام حدِّه، وأصل الحدِّ لا يسقط بالتوبة، فما هو متمم له لا يسقط أيضاً» (٦).

ولهذا خرج الجواب عن الكفر والزنا وغيرهما، فإنَّه إذا أسلم الكافر وتاب الزاني حيث تقبل شهادتهماً؛ لأنَّ النَّص لم يرد في حقهما/ برد الشَّهادة على وجه التَّأبيد، ولا أن يكون الردُّ من تتميم حد الكفر والزنا، حتى لا تقبل وإن تاب، كما في المحدود في القذف.

وذكر في المبسوط (٧): «فالصحيح من المذهب عندنا أنَّه إذا [قام] (٨) أربعة من الشُّهود على صدق مقالته، بعد إقامة الحد عليه تقبل، ويصير هو مقبول الشَّهادة».


(١) في «ج»: [يغيره].
(٢) في «ج»: [والاستثناء].
(٣) سورة النور، آية: ٤.
(٤) المبسوط (١٦/ ١٢٦).
(٥) سورة النور، آية: ٤.
(٦) المبسوط (١٦/ ١٢٦).
(٧) المبسوط (١٦/ ١٢٦).
(٨) في «س»: [أقام].