للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما هو الموضوع للتَّطهير لا يصلح أن يكون راداً للشَّهادة (١).

قلتُ: أمَّا الأول، فإن الاستثناء المتعقَب، أو الشَّرط المتعقَب بعد الجُمَل إنَّما ينصرف إلى الكلَّ، أن لو كان الجُمَل معطوفاً بعضها على البعض لثبوت الاشتراك منها بواو العطف [في هذا] (٢) الواو، أعني الواو في قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، واو النظم لا واو العطف (٣).

[فكان] (٤) منقطعاً عن الأولى، فينصرف الاستثناء إلى ما يليه، لا إلى ما انقطع عنه الكلام.

وذكر في أصول الفقه لشمس الأئمة - رحمه الله - في فصل عمل القوم في النصوص بوجوه هي فاسدة.

وقال: «ولهذا لو قال: لفلان علي مائة دينار، ولفلان ألف درهم إلا عشرة، يجعل الاستثناء من آخر المالين؛ لأنَّ بالاستثناء لا يخرج الكلام من أن يكون إقراراً، وباعتبار الإقرار كل واحدة من الجملتين تامَّة، فتكون الواو للنَّظم، وينصرف الاستثناء إلى ما يليه خاصة.

وعلى هذا قلنا في قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} (٥): أنَّ هذا الواو للنَّظم، حتَّى ينصرف الاستثناء إلى سمة الفسق دون ما تقدمه.

والشافعي (٦) - رحمه الله - (٧) يجعل هذا الواو للعطف، والواو الذي في قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا} للنظم، حتى يكون الاستثناء منصرفاً [إليها] (٨) دون الجلد، فلا يسقط الجلد بالتوبة.

والصَّحيح ما قلنا؛ فإن من حيث الصيغة معنى العطف يتحقق في قوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا}، ولا يتحقق في قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}؛ لأنَّ قوله: {فَاجْلِدُوا} {وَلَا تَقْبَلُوا} كل واحد منهما خطاب للأمة، فأمَّا قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ليس بخطاب [الأئمة] (٩)؛ ولكن إخبارٌ عن وصف القاذفين، فلا يصلح معطوفاً على ما هو خطاب، فجعلناه للنظم» (١٠).

فإن قيل: قوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا}، وإن كان خطاباً [للأئمة] (١١) كقوله: {فَاجْلِدُوا}؛ كان كل واحد منهما جملة تامة بنفسها؛ فلا يعطف الثانية على الأولى على وجه الاشتراك؛ لأنَّ قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ} جملة تامَّة بنفسها.


(١) ينظر: المبسوط (١٦/ ١٢٦).
(٢) في «س»: [وهذا].
(٣) ينظر: تبيين الحقائق (٤/ ٢١٨)، حاشية رد المحتار لابن عابدين (٧/ ١٢٧).
(٤) في «ج»: [وكان].
(٥) سورة النور: آية ٥.
(٦) ينظر: الأم للشافعي (٧/ ٢٨)، الحاوي الكبير (١٧/ ٢٤).
(٧) سقط من: «س».
(٨) في «س»: [إليهما].
(٩) في «س»: [الآية].
(١٠) أصول السرخسي (١/ ٢٧٥).
(١١) في «س»: [الآية].