للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنَّا نقول: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (١)، والمراد منه الولاية دون الموالاة، فإنَّه معطوف على قوله: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} (٢) (٣).

«وقال مالك (٤) والشافعي (٥) -رحمهما الله-: لا تقبل؛ لأنَّه فاسق، قال الله تعالى للكافرين: {هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٦) (٧).

هكذا كان لفظ الكتاب بتصحيح شيخي- رحمه الله -؛ لأن الله تعالى قال: [للكافرين: {هُمُ الْفَاسِقُونَ}] (٨).

والفسق: عبارة عن الخروج، يقال: [فسقت] (٩) الرطبة إذا خرجت من قشرها، وسُمِّي المسلم بذلك لخروجه عن حد الدين تعاطياً، والكافر لخروجه عن حد الدين اعتقاداً، فإذا ثبت أنَّه فاسقٌ وجب التوقٌّف في خبره بالنص» (١٠).

«صار كالمرتد»؛ أي: لا تقبل شهادة المرتد لجنسه، وخلاف جنسه وعليهما؛ فكذا الكافر (١١).

«ولنا ما روي أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة النصارى (١٢) بعضهم على/ بعض» (١٣).

رواه جابر بن عبد الله (١٤)، وأبو موسى (١٥) -رضي الله عنهما- (١٦).


(١) سورة الأنفال: آية ٧٣.
(٢) سورة الأنفال: آية ٧٢.
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤١٧)، البناية شرح الهداية (٩/ ١٥٢).
(٤) ينظر: المدونة الكبرى (٢/ ٩٤)، النوادر والزيادات (٨/ ٤٢٤).
(٥) ينظر: الأم للشافعي (٤/ ٢٢١)، الحاوي الكبير (١٧/ ٦٢).
(٦) سورة النور: آية ٤.
(٧) الهداية (٣/ ١٢٣).
(٨) في «ج»: [للكافرين: (هم الفاسقون)].
(٩) في «ج»: [فسقطت].
(١٠) المبسوط (١٦/ ١٣٤).
(١١) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤١٧).
(١٢) قال الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٨٥): «غريب بهذا اللفظ، وهو غير مطابق للحكمين؛ فإن المصنف قال: وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض، وإن اختلفت مللهم، ثم استدل بالحديث، ولو قال: أهل الكتاب، عوض: النصارى؛ لكان أولى، وموافقا للحكمين، أعني: اتحاد الملة واختلافها».
(١٣) الهداية (٣/ ١٢٣).
(١٤) جابر: بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن عمرو بن سواد الخزرجي، الأنصاري السلمي، صحابي من المكثرين عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، من أهل بيعة الرضوان، وكان آخر من شهد ليلة العقبة الثانية موتاً، روى علما كثيراً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروى عنه جماعة من الصحابة، اختلف في شهوده بدراً، غزا تسعة عشرة غزوة، كانت له في آخر أيامه حلقة بالمسجد النبوي يؤخذ عنه العلم، توفي بالمدينة بعد سنة ٧٠ هـ.
ترجمته في: الاستيعاب (١/ ٢١٩)، سير أعلام النبلاء (٣/ ١٨٩)، أسد الغابة (١/ ٤٩٢)، الإصابة (١/ ٥٤٦)، الأعلام (٢/ ١٠٤).
(١٥) أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري، صحابي جليل، وقائد فاتح، أصله من اليمن، رحل إلى مكة، ثم عاد إلى اليمن مرة أخرى يدعو قومه ويرشدهم إلى الإسلام، ومعه معاذ بن جبل، كان -رضي الله عنه- فقيهًا، عالمًا، بارعًا، في الإفتاء، والقضاء، تقياً، ورعاً، شارك في الحرب ضد الفرس، وقاتل أهل أصبهان، وكان من أبطال موقعة تُستر ضد الفرس، اعتزل الفتنة التي وقعت بين الصحابة، توفي -رضي الله عنه- في الكوفة سنة ٤٤ هـ.
ترجمته في: الطبقات الكبرى (٤/ ٧٨)، معرفة الصحابة (٤/ ١٧٤٩)، الاستيعاب (٣/ ١٧٦٢)، أسد الغابة (٣/ ٣٦٤).
(١٦) أخرجه: ابن ماجه في السنن (٢/ ٧٩٤)، كتاب الأحكام، باب شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض، رقم (٢٣٧٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١٦٥)، رقم (٢١١٣٨)، وقال: «حكمه غير مرفوع»، قال البوصيري في مصباح الزجاجة (٣/ ٥٦)، إسناده ضعيف، وضعفه الألباني في إرواء الغليل (٨/ ٢٨٣)، رقم (٢٦٦٨).
والمروي حديث جابر، أما حديث أبي موسى فلم أقف عليه.