للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«لأنَّهلا ولاية [له] (١)» (٢)؛ أي: لأنَّ الشَّأن أن لا ولاية للذِّمي «بالإضافة إليه»؛ أي: بالنسبة إلى المسلم، هذا احتراز عن الإضافة إلى الكافر، فإنْ كان للكافر ولاية بالنسبة إلى الكافر الآخر على ما ذكرنا.

«ولأنَّه يتقول عليه»؛ أي: ولأن الذِّمي يفتري على المسلم.

«لأنَّه يغيظه قهره إياه»؛ أي: لأنَّ الشأن هو أنْ يسخط الذِّمي قهر المسلم الذِّمي وملل الكفر (٣).

«وإن اختلفت فلا قهر … » إلى آخره، هذا جواب إشكال يَرِدُ على أصل المسألة، وهو قوله: «وتقبل شهادة [أهل الذِّمَّة] (٤) بعضهم على البعض، وإن اختلفت مللهم» (٥).

بأن يقول قائل: فالمعاداة ظاهرة بين اليهود والنصارى، وهم غير محقين في ذلك، قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} (٦) /، فيجب أن لا تقبل شهادة أهل ملَّة على ملَّة أخرى، كما هو مذهب ابن أبي ليلى، فأجاب عنه بهذا الذي ذكره في الكتاب (٧).

وذكر في المبسوط جواب هذا، وقال: «ثم اليهود يعادون النَّصارى بسبب هم فيه محقُّون، وهو دعواهم الولد لله تعالى، والنصارى يعادون اليهود بسبب هم فيه محقُّون، وهو إنكارهم نبوَّة عيسى - صلى الله عليه وسلم - والفريقان يعادون المجوس (٨) بسبب هم فيه محقُّون، وهو إنكارهم التَّوحيد ظاهراً، ودعواهم الاثنين، فشهادة بعضهم على البعض كشهادة المسلمين على الكفار، ولئن كان بعضهم يعادي البعض [بسبب] (٩) باطل، فلم يصير بعضهم مقهور بعض ليحملهم ذلك على التقول، بخلاف الكفار؛ فقد صاروا مقهورين من جهة المسلمين؛ وذلك يحملهم على التقول عليهم، فلذلك لا تقبل شهادتهم على المسلمين» (١٠).


(١) سقط من: «س».
(٢) تمام المسألة في الهداية (٣/ ١٢٣): «والفسق من حيث الاعتقاد غير مانع؛ لأنه يجتنب ما يعتقده محرم دينه، والكذب محظور الأديان، بخلاف المرتد؛ لأنه لا ولاية له، وبخلاف شهادة الذمي على المسلم؛ لأنه لا ولاية له بالإضافة إليه».
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٥٤).
(٤) سقط من: «ج».
(٥) الهداية (٣/ ١٢٣).
(٦) سورة البقرة: آية ١١٣.
(٧) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٥٤).
(٨) المجوس: قوم يعبدون النار، ولهم شبهة كتاب وقد أثبتوا إلهين النور والظلمة، ويستحلون نكاح المحارم، ويتطهرون بأبوال البقر تديناً. ينظر: البرهان في عقائد أهل الأديان (٩٠، ٩١)، الملل والنحل (١/ ١٣٠ - ١٤٤).
(٩) سقط من: «س».
(١٠) المبسوط (١٦/ ١٣٦).