للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا الزيادة على النِّصاب فمعتبرة في أنَّ القضاء يكون بشهادة الكل، فبكثرة النِّساء عند وجود الرجل يزداد النصاب، ويكون القضاء بشهادة الكل على أن كل امرأتين كرجل واحد، فعند الرجوع كذلك يقضي بالضمان». كذا في المبسوط (١).

«عليهن نصف الحق على القولين» (٢)؛ أي: بالاتفاق لما قلنا، وهو قوله: «والأصل أنَّ المعتبر في هذا بقاء من بقي» (٣)، وهذا لأنَّه لما بقي نصف الحق ببقاء الرجل كان التَّالف نصفًا [لرجوع] (٤) النِّسوة العشرة، ثم كل واحدة منهن ليست بأولى من الآخر في التَّضمين، فيضمن كلهن.

وذكر في المبسوط (٥): «ولو رجع ثماني نسوة لم يكن عليهن شيء؛ لأنَّه قد بقي على الشَّهادة من يثبت الاستحقاق بشهادته، وهو رجلٌ وامرأتان، فإن رجعت امرأةٌ بعد ذلك كان عليها وعلى الثماني ربع المال؛ لأنَّ الحجَّة إنَّما بقيت في ثلاثة أرباع الحق، فيجب الضَّمان بقدر من عدمت الحجة، وليس البعض بأولى من البعض في وجوب ذلك عليه؛ فلهذا ضَمِن التسعُ ربع المال عليهن بالسَّوية، [فإن] (٦) رجعت العاشرة فعليها وعلى التسع نصف المال.

أمَّا عندهما فظاهرٌ، لأنَّ الثابت بشهادتهن نصف المال، وعند أبي حنيفة [رحمة الله عليه] (٧) لأنَّه بقي على الشَّهادة من يثبت نصف المال بشهادته، بمنزلة ما لو شهد ستة من الرجال ثم رجع خمسة، فالضمان عليهما دون المرأة؛ لأنَّ الواحدة ليست [بشاهدة] (٨).

وذلك لأنَّ المرأتين [كشاهدٍ] (٩) واحدٍ، والمرأة الواحدة شطر العلة في كونها شاهدة، وشطر العلة لا يثبت شيء من الحكم، فكان/ القضاء بشهادة رجلين دون المرأة، فكذلك لا تضمن عند الرجوع شيئاً».

وأمَّا لو شهد رجلان وامرأتان ثم رجعوا، فالضمان أثلاثاً؛ لأنَّ المرأتين قامتا مقام رجل واحدٍ، فكأنَّه شهد ثلاثة بالمال ثم رجعوا.

«ولو شهد رجل وثلاث نسوة، ثم رجع رجل وامرأة ضمن الرجل نصف المال؛ لأنَّ الحجَّة بقيت في نصف المال، فقد بقيت امرأتان على الشَّهادة.

ثم هذا النصف عند أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- على الرجل خاصة، لما بينا أنَّ عندهما نصف المال متعين في أنَّه ثابت بشهادة الرجل، ونصفه ثابت بشهادة النِّساء، وقد بقي من النِّساء على الشَّهادة من يثبت نصف المال بشهادته، فعرفنا أن الحجَّة انعدمت في النصف الذي هو ثابت بشهادة الرجل خاصة، فيكون الضَّمان عليه دون المرأة، وينتفى في قياسي قول أبي حنيفة - رحمه الله - أن يكون النصف أثلاثاً على الرجل والمرأة؛ لأنَّ القضاء ههنا بشهادة الكل؛ [وكل] (١٠) امرأة منهن إذا ضممتها إلى أخرى كانتا شاهداً؛ فلا يكون محالاً به على شهادة البعض دون البعض؛ وقد بقيت الحجة في نصف الحق؛ فيجب ضمان نصف الحق على الراجعين أثلاثًا؛ لأنَّ الثابت بشهادة الرجل ضعف ما ثبت بشهادة المرأة.


(١) المبسوط (١٦/ ١٨٧).
(٢) الهداية (٣/ ١٣٣).
(٣) الهداية (٣/ ١٣٢).
(٤) في «س»: [برجوع].
(٥) المبسوط (١٦/ ١٨٨).
(٦) في «س»: [وإن].
(٧) في «س»: [رحمه الله].
(٨) في «ج»: [بشهادة].
(٩) في «س»: [شاهد].
(١٠) في «س»: [فكل].