للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الذَّخيرة: وإذا وكَّل رجلاً بأن يشتري له طعاماً، ودفع إليه الدراهم صح التَّوكيل استحساناً، وينصرف التَّوكيل إلى الحنطة، ودقيقها، وخبزها، وتحكم الدراهم في تعيين واحد منها إن كانت الدَّراهم قليلة بحيث لا يشتري بها في العُرف إلا الخبز، فالتوكيل ينصرف إلى الخبز … إلى آخره (١).

ثم [قال:] (٢) قال: القدُّوري (٣) - رحمه الله - (٤): إذا [كان] (٥) الرجل قد اتخذ وليمةً يعلم أنَّ مراده من التَّوكيل الخبز، وإن كثرت الدراهم فإذا اشترى الخبز في هذه الصورة يجوز على الآمر (٦).

ثم ما ذكره من انصراف اسم الطعام إلى الحنطة (٧)، ودقيقها في الشراء عرف أهل الكوفة، فإنَّ سوق الحنطة، ودقيقها سوق الطعام، فأمَّا في عرف أهل غير الكوفة التَّوكيل ينصرف إلى شراء كل مطعوم (٨).

وبعض مشايخ ما وراء النهر قالوا: الطعام في عرف ديارنا ما يمكن أكله من غير إدام كاللحم المطبوخ، والمشوي ونحوه فينصرف التَّوكيل إلىه دون الحنطة والدقيق والخبز، قال الصدر الشهيد/: وعليه الفتوى. كذا في الذخيرة (٩).

فإن سلَّمه إلى الموكل لم يرده إلا بإذنه، وهذا لأنَّ الوكيل بالشراء في حق الحقوق أصيل كأنه عقد بنفسه، وفي حق [الملك] (١٠) ثابت ورسول على أصح الأقوال، وشبه النيابة لا يطلق له الرد من غير استطلاع رأي الموكل فعلمنا بشبه الأصالة قبل الدفع إلى الموكل ليمكننا العمل بالشبهين؛ لأنَّ لو عملنا بشبه النيابة قبل التسليم إلى الموكل، وفيه إزالة ملك الموكل لا غير يلزمنا العمل بشبه النيابة بعد التسليم إلى الموكل، وفيه إزالة ملك الموكل، ويده فحينئذٍ يتعطل العمل بالشبهين، فلذلك عملنا على الوجه الذي قلنا؛ ليمكننا العمل بالشبهين.


(١) ينظر: فتح القدير (٨/ ٣٣).
(٢) سقط من: «س».
(٣) القدوري: هو أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان أبو الحسين، الفقيه، الحنفي، انتهت إليه رئاسة الحنفية في العراق، وكان حسن العبارة في النظر، وسمع الحديث، صنف المختصر المعروف باسمه مختصر القدوري، توفي سنة ٤٢٨ هـ. ينظر: وفيات الأعيان (١/ ٧٩)، سير أعلام النبلاء (١٧/ ٥٧٤)، الوافي بالوفيات (٧/ ٢٠٩).
(٤) سقط من: «س».
(٥) في «ج»: [كان].
(٦) فتح القدير (٨/ ٣٣).
(٧) قال في الهداية (٣/ ١٣٩): «قيل إن كثرت الدراهم فعلى الحنطة، وإن قلت فعلى الخبز، وإن كان فيما بين ذلك فعلى الدقيق».
(٨) البناية شرح الهداية (٩/ ٢٣٩).
(٩) ينظر: فتح القدير (٨/ ٣٣).
(١٠) في «س»: [المملك].