للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: لو كان مباشرة الوكيل ها هنا بمنزلة مباشرة الموكل لوجب أن يكون إبراء البائع الوكيل عن الثمن بمنزلة إبراء الموكل حتى لا يرجع الوكيل على الموكل عند إبراء البائع بمنزلة إبراء الطالب الكفيل؛ بل يرجع الوكيل ها هنا على الموكل وإن أبرأه البائع.

قلت: «إن إبراء الوكيل إنَّما لم يمنعه عن الرجوع إلى الموكل؛ لأنَّ ثبوت حق الرجوع له بالشِّراء لا بالأداء بخلاف الكفيل إذا أُبرئ لا يرجع على الأصيل؛ لأن ثبوت حق الرجوع له بالأداء، أو بتملكه ما في ذمته، وذلك بالإبراء لا يحصل». كذا في وكالة المبسوط (١).

«لأنه منع بغير حق» (٢)، أي: [على] (٣) أصل مذهب زُفَر.

«أنه مضمون بالحبس للاستيفاء بعد أن لم يكن» (٤)؛ أي: بعد أن لم يكن مضموناً قبل الحبس.

وإنما ذكر هذا للفرق بين هذا، وبين المبيع في يد البائع كما هو قولهما: فإن المبيع في يد البائع مضمون ابتداءً قبل الحبس، وبعده بسبب البيع لا بسبب الحبس [وها هنا] (٥) مضمون بعد الحبس لا قبله؛ فكان هذا نظير الرهن لا نظير المبيع (٦).

«ردَّه الموكل»؛ أي: إلى الوكيل، ورضى الوكيل به؛ فإنه يصير للوكيل.

«من لحم يباع منه عشرة أرطال بدرهم» (٧)، أي: إذا كانت عشرة [الأرطال] (٨) من ذلك اللحم يساوي قيمته درهماً إنما قُيِّد به؛ لأنه إذا كانت/ عشرة الأرطال منه لا تساوي درهماً نفذ الكل على الوكيل بالإجماع. كذا في الذخيرة (٩).

«لزم الموكل منه عشرة بنصف درهم عند أبي حنيفة - رحمه الله - (١٠)» (١١).

«فإن قيل: ينبغي أن لا يلزم الآمر عشرة بنصف درهم على قوله؛ لأنَّ هذه العشرة تثبت ضمناً للعشرين لا قصداً، وهو قد وكَّله بشراء عشرة قصداً، ومثل هذا لا يجوز على قول أبي حنيفة - رحمه الله - كما إذا قال لرجل: طلق امرأتي واحدةً، فطلقها ثلاثاً، لا يقع واحدة لثبوتها في ضمن الثلاث، والمتضمن [لم يثبت] (١٢) لعدم التَّوكيل به، فلا يثبت ما في ضمنه أيضاً تبعاً له (١٣).


(١) المبسوط (١٩/ ٦١).
(٢) الهداية (٣/ ١٤٠).
(٣) سقط من «ج».
(٤) قال في الهداية (٣/ ١٤٠): « … لهما أنه بمنزلة البائع منه، فكان حبسه لاستيفاء الثمن فيسقط بهلاكه؛ ولأبي يوسف أنَّه مضمون بالحبس للاستيفاء بعد أن لم يكن».
(٥) في «س»: [هنا].
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية (٨/ ٤١).
(٧) تمام المسألة في الهداية (٣/ ١٤٠): «وإذا وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى عشرين رطلاً بدرهم من لحم يباع منه عشرة أرطال بدرهم لزم الموكل منه عشرة بنصف درهم عند أبي حنيفة، وقالا: يلزمه العشرون بدرهم».
(٨) في «ج»: [الأبطال].
(٩) ينظر: الجوهرة النيرة (١/ ٣٠٨)، البناية شرح الهداية (٩/ ٢٤٥)،
(١٠) في «س»: [رضى الله عنه].
(١١) الهداية (٣/ ١٤٠).
(١٢) سقط من «ج».
(١٣) ينظر: الجوهرة النيرة (١/ ٣٠٨).