للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله - رحمه الله -: «فلو كان الثمن مسمى فاشترى بخلاف جنسه»؛ أي: في هذه الصورة، وهي ما إذا وكله بشراء شيء بعينه.

فإن قلت ما الفرق بين هذا، وبين الوكيل بنكاح امرأة بعينها؛ إنه إذا أنكحها من نفسه بمثل المهر المأمور به يصح، فيقع النكاح على الوكيل لا على الموكل، مع أنه لم يخالف فيما أمر به من المهر.

قلت: الفرق فيه هو أنَّ النكاح الذي أتى به الوكيل غير داخل تحت الوكالة؛ لأنَّ الداخل تحت الوكالة نكاح مضاف إلى الموكل؛ فإنَّ الوكيل بالنكاح يضيف النكاح إلى موكله فيقول: تزوجتك لفلان، فإذا قال: تزوجتك لم يأت بالنكاح المأمور به؛ فنفذ على الوكيل (١).

فأما الداخل تحت التَّوكيل بشراء شيء بعينه شراءً مطلقاً بمثل الثمن المأمور به لا الشراء المضاف إلى الموكل، وقد أتي بذلك والوكيل إذا أتى بما دخل تحت الوكالة؛ فإنه يقع لموكله، فإن كان قد وكَّل الوكيل رجل آخر بشراء هذا الشيء المعين أيضاً فاشتراه الوكيل للثاني، فهو للموكل الأول دون الموكل الثاني؛ لأنَّ الوكيل بشراء شيء بعينه لا يملك الشِّراء لنفسه بمثل الثمن المأمور به، فلا يمكن لغيره بالطريق الأولى؛ لأنَّه يتصرف على نفسه بولاية أصلية، وعلى غيره بولاية عارضة، والولاية الأصلية أقوى من [العارضة] (٢). كذا في الذَّخيرة.

«ولا يملك على ما قيل»، أي: ولا يملك الوكيل عزل نفسه عند غيبة الموكل ولا يخرج عن الوكالة بعزله نفسه من غير علم الموكل (٣). كذا في الذخيرة.

«ولو اشترى الثاني بحضرة الوكيل الأول نفذ على الموكل الأول؛ لأنه حضره رأيه فلم يكن مخالفاً» (٤).

«فإن [قلت] (٥) ما الفرق بين الوكيل بالبيع، والشِّراء [والنكاح] (٦) والخلع والكتابة إذا وكَّل غيره ففعل الثاني بحضرة الأول، أو فعل أجنبي ذلك فبلغ الوكيل فأجاز ذلك يجوز، وبين الوكيل بالطلاق والعتاق، فإنه لو وكل الوكيل رجلاً [آخر] (٧) فطلق، أو أعتق الثاني لا يقع، وإن كان بحضرة الوكيل الأول والرواية في التتمة، والذخيرة (٨).

قلت: قد رأيت وجه الفرق في بعض الحواشي بأنَّ الطلاق والعتاق يتعلقان بالشُّروط، فكان أمر الموكل للأول جعل شرطاً لوقوع الطلاق والعتاق بعبارته، فلا يتأدَّى ذلك الشرط بعبارة الآخر بخلاف البيع ونحوه، فإنَّه من الإثباتات فلا يحتمل التَّعليق بالشَّرط؛ فلم يكن البيع معلقاً بعبارته؛ بل المراد منه وجود البيع ونحوه بعلمه، وفي بيع وكيلة بحضرته يوجد ذلك فيصح؛ إلا أن هذا التعليل ينتقض بمسألتين:


(١) ينظر: العناية شرح الهداية (٨/ ٤٥)، فتح القدير (٨/ ٤٩).
(٢) في «س»: [العارضية].
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية (١٠/ ٤٩٨)، فتح القدير (١٠/ ٤٩٧).
(٤) الهداية (٣/ ١٤١).
(٥) في «ج»: [قيل].
(٦) في «ج»: [أو النكاح].
(٧) سقط من «س».
(٨) ينظر: العناية شرح الهداية (٨/ ٤٦)، فتح القدير (٨/ ٤٦).