للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر فِي الْإِيضَاحِ (١) (٢): وأمّا اللحم فعلى لحم الضأن والمعز وما يشتري الناس وكذلك لحوم البقر والإبل إِذَا جرت العادة بذلك واسم اللحم لا يتناول البطون والأكباد والكروش (٣).

ففِي بَابِ/ اليمين إِذَا حلف لا يأكل لحمًا فأكل شيئاً من هذه الأشياء يحنث؛ لِأَنَّهُ يتخذ منها ما يتخذ من اللحم وهي لحوم وَحُكْمُ اليمين مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الوَكَالةِ (٤)، ألا ترَى أنه لو اشترى قديدًا لم يجز على الآمر؛ لِأَنَّهُ ليس بلحم يباع فِي الأسواق فِي العادة (وَلِأَنَّ الْعَقْدَ (٥) بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ هِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ) (٦)، ألا ترَى أنه لو حصل من المريض كان معتبراً من ثلثه والأب والوصي لا يملكان البيع بالمحاباة (٧) الفاحشة بهذا وهو وكيل بالبيع دون الهبة، وأبو حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٨) يقول: هو مأمور بمطلق البيع وقد أتى ببيع مطلق لِأَنَّ البيع اسم لمبادلة مال بمال (٩)، وذلك يوجد فِي البيع بالعروض، كما يوجد فِي البيع بالنقود. ولكن من البيع ما يتضمن الشراء فلا يخرج بذلك من أن يكون بيعًا مطلقاً؛ لِأَنَّه تضمن الشراء فِي جانب [العوض] (١٠) لا فِي جانب المبيع، وأمره كان باعتبار المبيع والعقد فيه بيع مطلق، وكذلك البيع بالمحاباة بيع؛ لِأَنَّ ما من جزءٍ من البيع إلا ويقابله جزءٌ من الثمن (١١) ألا ترَى أنه يستحق الكل بالشفعة (١٢) والشفعة فِي الهبات لا تثبت (١٣)، والدليل عليه أن من حلف أن لا يبيع فباع بالمحاباة يحنث، وكما يراعى العرف فِي [الوكالات يراعى فِي] (١٤) الأثمان (١٥)، ثُمَّ جُعل هذا بيعًا مطلقاً فِي اليمين فكذلك فِي الوكالة (١٦)، وهذا بخلاف الوكيل بالشراء؛ لِأَنَّ الأمر المطلق تخصصه التهمة وفِي الوكيل بالشراء التهمة متمكنة لجواز أن يكون اشترى لنفسه فلما لم يعجبه لغلاء الثمن أراد أن يحوله إلى الآمر ولا يتمكن مثل هذه التهمة فِي الوكيل [بالبيع] (١٧)، وأما الجواب عن الوصية فإن معنى الوصية تظهر فِي القيمة والقيمة غير معقود عليها ونحن إنما نعتبر إطلاق الآمر فِي المعقود عليه وهو المبيع كذا فِي المَبْسُوط والْإِيضَاحِ (١٨).


(١) كتاب: الْإِيضَاح فِي الفروع، ومؤلفه: عبد الرحمن بن مُحَمَّد الكرماني الحنفي، شيخ الحنفية بخراسان فِي زمانه، ومن تصانيفه الجامع الكبير والتجريد في الفقه في مجلد وشرحه في ثلاث مجلدات وسماه الْإِيضَاح، (ت ٥٤٣ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (١/ ٣٠٤)، تاج التراجم (١٨٤)، تاريخ الإسلام (١١/ ٨٢٩).
(٢) يُنْظَر: البحر الرائق (٤/ ٣٤٨).
(٣) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٦/ ٣١)
(٤) يُنْظَر: الأشباه والنظائر ـ للإمام تاج الدين السبكي (١/ ١٨١).
(٥) في (أ) و (ب) (البيع).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٦).
(٧) المحاباة في اللغة: هي المسامحة والعطاء. وفي الشرع: الزائد على قيمة المثل في الشراء والناقص في البيع محاباة يُنْظَر: المصباح المنير (١/ ١٢٠)، الفتاوى الهندية (٦/ ١١٠).
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٣٦)، الأختيار لتعليل المختار (٢/ ١٦١)، تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٢٧١).
(٩) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٥/ ٣٠٦).
(١٠) فِي (ج) (العرض).
(١١) يُنْظَر: البحر الرائق (٨/ ٥١).
(١٢) الشفع: ضد الوتر، والمراد بالشفعة فِي أبواب البيوع: ضم الشفيع المبيع إلى ملكه فيشفعه به كأنه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا. يُنْظَر: تهذيب اللغة (١/ ٢٧٨)، الصِّحَاح؛ للجوهري (٣/ ١٢٣٨).
(١٣) يُنْظَر: الأشباه والنظائر ـ للإمام تاج الدين السبكي (١/ ٢٠٥).
(١٤) [ساقط] من (ج).
(١٥) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٥)، العناية شرح الهداية؛ للبابرتي (٨/ ٧٧).
(١٦) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِير (٨/ ٧٧)، البحر الرائق (٧/ ١٦٧).
(١٧) [ساقط] من (ج).
(١٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٦٦).