للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: إِذَا أقرّ الوكيل بالعيب فلا حاجة حينئذ إلى قضاء القاضي؛ لِأَنَّهُ يقبله لا محالة فما معنى ذكر قضاء القاضي مع الإقرار.

قلنا: يمكن أن يقرّ الوكيل بالعيب ويمتنع بعد ذلك عن القبول؛ فقضاء القاضي كان جبراً عليه على القبول (فَيَفْتَقِرُ إلَيْهَا لِلرَّدِّ) (١) أي: إلى الحجج وهي البينة والإقرار والإباء.

(وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّه عَلَيْهِ بِعَيْبٍ يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِبَيِّنةٍ أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ) (٢) أي: أنّ الوكيل يردّه على الآمر أيضاً كما [لو] (٣) يرده (بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ) (٤) لما ذكر فِي الْكِتَابِ (٥) وفِي الرد على الآمر فِي قبول الوكيل العبد بإباء يمين خلاف زُفَرَ -رحمه الله- (٦) ذكره فِي المَبْسُوط (٧).

فإن قيل: إِذَا كان الردّ بالإباء يجب أن لا يلزم الموكل، كمن اشترى شيئاً وباعه من غيره ثُمَّ أن المشتري الثاني وجد به عيباً فردّه على المشتري الأوّل، فبنكوله لم يكن له أن يردّه على بائعه وهذا دليل زُفَر -رحمه الله- فجعل هذا وما لو ردّه عليه بإقراره سواء فِي حق البائع الأوّل فكذا فِي حق الوكيل ولكنا نقول: (الْوَكِيلُ مُضْطَرٌ فِي النُّكُولِ) (٨) هذا؛ لِأَنَّهُ لا يمكنه أن يحلف كاذباً إِذَا كان عالماً بالعيب، وإنما اضطر إلى ذلك لعمل بَاشَرَهُ للآمر فيرجع عليه بما يلحقه من العهدة فيه بخلاف ما إِذَا أقرّ فإنه غير مضطر إلى الإقرار؛ لِأَنَّهُ يمكنه أن يسكت حتى يعرض عليه اليمين ويقضي عليه بالنكول فيكون هو فِي الإقرار مختاراً لا مضطراً، وبخلاف المشتري الأوّل فإنَّه مضطرٌ إلى النكول، ولكن فِي عمل بَاشَرَهُ لنفسه، فلا يرجع بعهدة [عمله] (٩) على غيره كذا فِي المَبْسُوط (١٠) والْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٦).
(٢) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٢).
(٣) [ساقط] من (أ) و (ب).
(٤) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٥) المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي (١/ ١١٦).
(٦) زُفَر بن الهذيل بن قيس أبو الهذيل العنبري البصري، صاحب الإمام أَبِي حَنِيفَةَ، وأكبر تلامذته، كان أبو حَنِيفَةَ يقول: أقيس أصحابي، كان يدري الحديث ويتقنه، توفِي بالبصرة سنة: (١٥٨ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٢٠٧)، تاج التراجم (١٦٩)، الطبقات السنية فِي تراجم الحنفية (٢٨٣).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٥/ ٢٤٣).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٦).
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٣/ ٢١٤).