للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين أحد الوكيلين فِي البيع؟ أنه إِذَا باع أحدهما بغير إذن صاحبه لم يكتف هناك بمجرد حضرة صاحبه بل بالإجازة صريحًا على ما ذكرت قبيل هذا من رواية الذَّخِيرَةِ حيث قال فِي الذَّخِيرَةِ: فباع أحدهما أو اشترى والآخر حاضر لا يجوز إلا أن يجيز الآخر فكذلك قيّد بالإجازة فِي المَبْسُوط (١)، وهاهنا اكتفى بالحضرة من غير إجازة.

قلت: ما ذكره فِي الجامع الصغير بأن عقد وكيل الوكيل جائز عند حضرة الوكيل الأول محمول على ما إِذَا أجاز الوكيل [الأول] (٢) عقد الوكيل الثاني لا مطلق الحضرة هكذا ذكره فِي الذَّخِيرَةِ وقال ثُمَّ أن مُحَمَّدا -رحمه الله- قال فِي الجامع الصغير إِذَا باع الوكيل الثاني بحضرة الوكيل الأوّل جاز، ولم يشترط للجواز إجازة الوكيل الأول وهكذا ذكر فِي وكالة الأصل فِي موضع.

وذكر فِي موضع آخر من وكالة الأصل، وشرط إجازته فقال إِذَا باع الوكيل الثاني والوكيل الأوّل حاضر أو غائب فأجاز الوكيل الأول جاز حكي عن الْكَرْخِيِّ (٣) -رحمه الله- أنه كان يقول: [ليس] (٤) فِي المسألة روايتان ولكن ما ذكر مطلقاً فِي بعض المواضع أنه يجوز إِذَا باع بحضرة الأول محمول على ما إِذَا أجازه فكان يحمل المطلق على المقيد وإلى هذا ذهب عامة المشايخ؛ وهذا لِأَنَّ توكيل [الوكيل] (٥) الأول لما لم يصح؛ لِأَنَّهُ لم يؤذن له بذلك صار وجود هذا التوكيل والعدم بمنزلة، ولو عدم التوكيل من الأول حتى باعه هذا الرجل والوكيل غائب أو حاضر فإنه لا يجوز عقد هذا الفضولي إلا بإجازته؛ لِأَنَّ الإجازة لبيع الفضولي لا تثبت بالسكوت لكون السكوت محتملاً كذا هاهنا ومتى أجاز فإنما يجوز؛ لِأَنَّ الوكيل يملك بمباشرته بنفسه فيملك إجازته بالطريق الأولى ومنهم من يجعل فِي المسألتين روايتين وجه رواية الجواز من غير إجازة الأول أن بيع الثاني حال غيبة الأول إنما لا يصح لتعدي العقد عن رأي الأول ومتى باع بحضرته فقد حضر هذا العقد رأي الأول وعلى هذا أحد وكيلي البيع والإجارة إِذَا أمر صاحبه بالبيع أو الإجارة فباع بحضرته فِي رواية [لا يجوز إلا بإجازته] (٦) وفِي رواية يجوز من غير إجازته وإن قدَّر الوكيل الأول للثاني ثمنًا بأن قال بعه بكذا فباعه الثاني بغيبة الأول فيه روايتان فِي رواية كتاب الرهن يجوز؛ لِأَنَّ مقصود [الموكل] (٧) أن يكون البيع برأي الوكيل الأول وإِذَا قدر الوكيل الأول ثمنًا فبيع الوكيل الثاني بيع برأي الوكيل [الأول] (٨).


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٨٨).
(٢) [ساقط] من (أ) و (ج).
(٣) عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلاهم أبو الحسن البغدادي الكرخي، انتهت إليه رئاسة المذهب، كان من العلماء العباد ذا تهجد وأوراد وصبر على الفقر والحاجة، توفِي ليلة النصف من شعبان سنة (٣٤٠ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٤٩٣)، تاج التراجم (٢٠٠)، تاريخ بغداد (١٢/ ٧٤).
(٤) [ساقط] من (ج).
(٥) [ساقط] من (ج).
(٦) [ساقط] من (ج).
(٧) في (ج) (الوكيل).
(٨) [ساقط] من (أ) و (ج).