للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: كل واحد منهما مأمور بقبض النصف إِذَا قبض مع صاحبه.

وأما فِي حالة الانفراد فغير مأمور بقبض شيء منه هذا إِذَا قبض أحدهما بغير إذن صاحبه، وأمّا إِذَا قبض [مع صاحبه] (١) بأمر صاحبه فإنه لا يضمن؛ لِأَنَّ له أن يودع الكل عند صاحبه بعد القبض فكان له أن يأمر صاحبه بالقبض؛ لِأَنَّهُ ليس فِي أمر صاحبه/ إلا إيداع الكل من صاحبه وله ذلك.

(أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ مُقْتَصِرٌ على الْمَجْلِسِ) (٢) وإنَّما استدعى الْمَشِيئَة (٣)؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَة من خواص الْمَالِكِيَّةِ (٤) هكذا وجدت بخط شيخي -رحمه الله- (٥)؛ (ولِأَنَّهُ عَلَّقَ الطلاقَ بفعلِهِمَا فاعْتَبَرَهُ بِدُخُولِهِمَا) (٦) أي: اعتبر تعليق الطلاق بفعلهما بالتعليق بدخولهما الدار بأن قال لهما: إن دخلتما هذه الدار فامرأته طالق فدخل أحدهما لا تطلق امرأته بل يشترط وجود دخولهما جميعًا لوقوع الطلاق فكذا هنا.

فإن قلت: مثل هذا موجود فِي توكيلهما بالطلاق؛ لِأَنَّ صورة توكيلهما أن يوكلهما معًا لا على التعاقب لما مرّ فحينئذ [يجب] (٧) أن يشترط فعلهما جميعًا لتعليق الطلاق بفعلهما كما فِي قوله: (أمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا) (٨).

قلت: قوله:؛ (ولِأَنَّهُ [عَلَّقَ] (٩) الطَّلاقَ بِفِعْلِهِمَا) راجع إلى قوله: (طَلِّقَاهَا إِنْ شِئْتُمَا)؛ لِأَنَّ فيه تعليق بصريح حرف الشرط وقوله: (؛ لِأَنَّهُ تَفْويضٌ إِلَى رَأيهما) راجع إليهما أو إلى قوله: (أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا) فلم يوجد فِي توكيلهما بالطلاق بقوله: (طَلِّقْ امْرَأَتِي) لا حرف الشرط حتى يكون معلّقاً بفعلهما كما فِي قوله: (طَلِّقَاهَا إِنْ شِئْتُمَا) ولا هو ممّا يحتاج فيه إلى الرأي كما فِي قوله: (أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا) فلذلك يتفرد كل واحد منهما بالطلاق وإن لم يتفرد فِي تينك الصورتين، وإِذَا [قالا] (١٠) جاز فِي هذا الوجه وهو الوجه الذي يجوز التوكيل فيه بأن قال الموكل للوكيل (اعْمَلْ [فيه] (١١) بِرَأْيِك) (١٢)، أو أذن له الموكل بالتوكيل (وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي) وهو ما ذكره فِي فصل آخر بقوله: (وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ على الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ ذلك) (١٣) إلى أن قال: (وَلَوْ قَضَى الثَّاني بمَحْضَرٍ من الأولِ أو قضى الثَّانِي فَأَجَازَهُ الأوّل جَازَ كما فِي الوكالة) (١٤) (فَإِنْ وَكَّلَ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ فَعَقَدَ وَكِيلُهُ بِحَضْرَتِهِ، جاز) (١٥).


(١) [ساقط] من (أ) و (ب).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٨).
(٣) [التمليك] من (ب).
(٤) يُنْظَر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد؛ لابن رشد (١/ ٤١٤)، منح الجليل (٩/ ٣٦٣).
(٥) المقصودُ عند الإطلاقِ باسمِ (الشّيخ) الإمام حافظ الدِّين الكبير البخاري (ت ٦٩٣ هـ)، فإذا قال الإمام السَّغناقيّ: قال شيخي، سمعتُ شيخي، كذا بخط شيخي، فهو المراد، وهذا الإطلاقُ مستمرٌّ في جميع مصنفاته، وقد صرح بذلك في كتابه (الكافي). يُنْظَر: المنهل الصَّافي (٥/ ١٦٥)، الطبقات السنيّة (٣/ ١٥١).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٨).
(٧) [ساقط] من (ب).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٨).
(٩) [ساقط] من (أ) و (ج).
(١٠) [ساقط] من (أ) و (ب).
(١١) [ساقط] من (ج).
(١٢) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٢).
(١٣) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٥٠).
(١٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٠٧).
(١٥) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٢).