للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَنَظِيرُهُ الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ وَضْعاً) (١) [أي] (٢) لِأَنَّ التقاضي فِي معنى القبض فِي أصل اللغة؛ لِأَنَّهُ ذكر في الْأَسَاسِ تَقَاضَيْتُهُ دَيْنِي وَبِدَيْنِي وَاقْتَضَيْتُهُ دَيْنِي وَاسْتَقْضَيْتُهُ [وَاقْتَضَيْتُ] (٣) منه حَقِّي أي: أَخَذْتُهُ (٤) (إِلَّا أَنَّ الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ) (٥)، لِأَنَّ الناس فِي العرف لا يفهمون من التقاضي القبض [بل يفهمون المطالبة] (٦) فبسبب عرف الناس صار المجاز بمنزلة الحقيقة لتسارع أفهام الناس فِي التقاضي إلى معنى المطالبة الذي هو المجاز (٧) (وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله-) (٨) قيّد بقبض الدين؛ لِأَنَّ الوكيل بقبض العين لا يكون خصمًا بالإجماع (٩) على ما يجيء والكلام فيه يرجع إلى أصل وهو أنَّ [التوكيل] (١٠) إِذَا وقع باستيفاء عين حق الموكل لم يكن وكيلاً بالخصومة؛ لِأَنَّ التوكيل وقع بالقبض لا غير، وإِذَا وقع التوكيل بالتملك كان [وكيلاً] (١١) بالخصومة؛ لِأَنَّ التملك إنشاء تصرف وحُقُوقُ العقدِ تتعلقُ بالعاقدِ (١٢) فإِذَا ثبت هذا بقول الوكيل بقبض الوديعة لم يقع بالتملك فإنه مستوف عين حقه فلم تتعلّق الحقوق بالقابض فلا ينتصب خصماً والوكيل بالأخذ بالشفعة [والقسمة (١٣) (١٤)، والردّ بالعيب (١٥) توكيل بالتمليك [لِأَنَّ الملك] (١٦) فيما يستوفيه الوكيل ليس بثابت للموكل، وإنما يثبت له الملك بأخذ الوكيل فصار بمنزلة التوكيل بالشراء، فأما الوكيل بقبض الدين فهما يقولان بأنّ هذا فِي الشرع [رد] (١٧) استيفاء للحق ولهذا لو قبض أحد الشريكين شيئاً من الدين كان للآخر أن يشاركه فيه ومعنى التمليك ساقط فِي الحكم، وأبو حَنِيفَةَ -رحمه الله- اعتبر الحقيقة فِي هذا الباب فقال المقبوض ليس بملك للموكل، وإنما هو بدل حقه والشرعُ شَرَعَ ذلك طريقاً للاستيفاء فشابه الشفعة والقسمة كذا فِي الْإِيضَاحِ (١٨).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٠)
(٢) في (أ) (أما).
(٣) [ساقط] من (ج).
(٤) يُنْظَر: المُغْرِب في ترتيب المُعْرب؛ للمطرزي (٢/ ١٨٤).
(٥) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٠).
(٦) [ساقط] من (ج).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية؛ للبابرتي (٧/ ١٠٠)، البناية شرح الهداية؛ للعيني (٨/ ٣٥٥).
(٨) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(٩) يقصد به اتفاق أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يُوسُف ومُحَمَّد بن الحسن. يُنْظَر: بدائع الصنائع (٦/ ٢٥).
(١٠) فِي (أ) (التواكيل).
(١١) [ساقط] من (ب).
(١٢) يُنْظَر: إيثار الإنصاف (ص: ٣١٦).
(١٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ١٢)، الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٩).
(١٤) [ساقط] من (ج).
(١٥) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ لمُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِي (٥/ ٢١٩)، مختصر القُدُورِي (١/ ١١٥).
(١٦) [ساقط] من (أ) و (ج).
(١٧) فِي (أ) (عند).
(١٨) يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٣/ ٢٣٠)، بدائع الصنائع (٦/ ٢٥).