للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر فِي الذَّخِيرَةِ: وإِذَا جحد الغريم (١) [الدين] (٢) وأراد الوكيل بالقبض أن يقيم البيّنة على الدين هل يقبل ببينة على قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- يقبل وعلى قولهما لا يقبل والأصل فِي جنس هذه المسائل أنَّ التوكيل إِذَا حصل بقبض ما هو ملك الموكل فالوكيل لا يصير خصمًا فِي حق وإِذَا حصل التوكيل بقبض ما هو ملك الغير من كل وجه يحق للموكل عليه فالوكيل ينتصب خصمًا فِي حق الإثبات، وهذا لِأَنَّ التوكيل بالخصومة لم يوجد نصًا فلو ثبت التوكيل بالخصومة إنما يثبت ضرورة أنّ الوكيل لا يتوصل إلى القبض إلا بالخصومة والتوكيل بالشيء توكيل به وبما لا يتوصّل إليه إلا به، إلا أنه قد يمكنه الوصول إلى القبض بدون الخصومة بأن لا يجحد وقد [لا] (٣) يمكنه الوصول إليه إلا بالخصومة، فأحد الاعتبارين يوجب أن يكون خصماً والآخر [يوجب] (٤) أن لا يكون خصمًا والعمل بها غير ممكن فِي كل حكم فعملنا بهما فِي حكمين.

فقلنا: إِذَا حصل التوكيل بقبض ما هو ملك الموكل لا ينتصب خصمًا فِي الإثبات وإِذَا حصل التوكيل بقبض عين هو ملك الغير يحق للموكل قبله ينتصب الوكيل خصمًا فِي الإثبات وإنما عملنا على هذا الوجه لأنا لو عملنا على العكس وجعلناه خصماً فِي الإثبات إِذَا حصل التوكيل بقبض ملك الموكل لزمنا أن يجعله خصمًا إِذَا حصل التوكيل بقبض ملك الغير؛ لِأَنَّ الحاجة إلى الخصومة فِي ملك الغير أكثر فحينئذ [يتعطل] (٥) [العمل] (٦) بالشيئين إِذَا ثبت هذا فنقول: الوكيل بأخذ الشفعة ينتصب خصمًا فِي حق إثبات الشفعة بالاتفاق لِأَنَّهُ وكيل بقبض [ملك الغير حقيقة وحكمًا بحق للموكل قبله والوكيل بقبض العبد لا ينتصب خصمًا فِي حق الإثبات بالاتفاق لِأَنَّهُ وكيل بقبض] (٧) عين هو ملك/ الموكل حقيقة وحكمًا.

وأما الوكيل بقبض الدين هل ينتصب خصمًا بالإثبات فهو على الخلاف بين أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه -رحمهم الله- على نحو ما بيّنا بناءً على أن الوكيل بقبض الدين وكيل بقبض ما هو ملك الموكل أو وكيل بقبض ما هو ملك الغير فوقع عند أبي [يُوسُف] (٨) ومُحَمَّد أنّه وكيل بقبض ما هو ملك الموكل حكمًا بناء على أنّ المقبوض بجهة الدين عين حق صاحب الدين حكمًا حتى كان له الأخذ من غير قضاء ولا رضاء كما لو كان عنده وديعة أو غصب ووقع عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أنه وكيل بقبض ما هو ملك الغير بناء على أن المقبوض بجهة [الدين] (٩) ملك رب الدين حقيقة لِأَنَّ المقبوض بجهة الدين ليس عين حق صاحب الدين [بل هو بدل حقه، لِأَنَّ حق صاحب الدين فِي الدين] (١٠) وهذا عين والعين مع الدين مختلفان، ولِأَنَّ تصرفات المديون فيما فِي يده نافذة رضي بذلك رب الدين أو لم يرضَ وإِذ صار خصمًا فِي الإثبات عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- لِأَنَّهُ وكيل بقبض ملك الغير والإثبات سبب لقبضه صار خصمًا فِي إثبات الإيفاء إلى الطالب؛ لِأَنَّ الإيفاء إلى الطالب [وقبض الوكيل سواء؛ لِأَنَّ الوكيل يقبض ليدفع الى الطالب] (١١).


(١) الغريم: من المشترك اللفظي، هو يطلق على صاحب الدين، على المدين، سمي الغريم غريما بذلك للزومه وإلحاحه. يُنْظَر: الصِّحَاح؛ للجوهري (٥/ ١٩٩٦)، مقاييس اللغة (٤/ ٤١٩).
(٢) [ساقط] من (ج).
(٣) [ساقط] من (ج).
(٤) [ساقط] من (ج).
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) [ساقط] من (ج).
(٧) [ساقط] من (ج).
(٨) في (ج) (حَنِيفَةَ).
(٩) [ساقط] من (ج).
(١٠) [ساقط] من (ج).
(١١) [ساقط] من (أ) و (ج).