للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَإِذَا أَقَرَّ الْوَكيلُ بِالْخُصُومَةِ عَلَى مُوَكِّلِهِ عِنْدَ الْقَاضِي جَازَ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ) (١) أطلق إقرار الموكل ليتناول اسم الموكل للمدّعي والمدعى عليه فإنّ هذا الحكم وهو جواز إقرار الوكيل على موكله لا يتفاوت بين أن يكون موكله مدّعياً أو مدّعى عليه سوى أن معنى الإقرار يختلف بحسب اختلاف الموكل؛ فإقرار وكيل المدّعي هو أن [يقر أنّ] (٢) موكله قبض هذا المال وإقرار وكيل المدّعى عليه هو أنْ يُقِرَّ بوجوب المال على المدعى عليه ثُمَّ القياس فِي هذه المسألة أحد الشيئين: إما شمول الجواز فِي الوجهين أعني جواز الإقرار فِي مجلس القضاء وغير مجلس القضاء كما هو قول أبي يُوسُف -رحمه الله-أو شمول العدم كما هو قول زُفَر (٣) والشافعي (٤).

وأمّا جواب الاستحسان فهو القول بالفصل بين الوجهين، وهو جواز الإقرار فِي مجلس القضاء وعدم جوازه فِي غير مجلس القضاء وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إلى هذا أشار فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ -رحمه الله- (٥) فعلم بهذا أنّ قوله: (استحسانًا) يتعلق بقوله: (جاز)، وبقوله: (لَمْ يَجُزْ إِلَّا أنه يَخْرَجُ عن الوَكَالَة) (٦) [يعني لا يدفع المال إليه ولو ادّعى بعد ذلك الوكالة] (٧) وأقام بينة على ذلك لا يسمع بينة.

وفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ للإمام الْمَحْبُوبِيّ وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد -رحمهم الله- تبطل الوكالة على رواية الأصل لِأَنَّهُ زعم أنه مبطل فِي دعواه ولِأَنَّهُ لا حق له فِي القبض فلا يجعل وكيلاً ويخرج من الوكالة بحكم إقراره (٨).


(١) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٢) فِي (أ) (يقول).
(٣) يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٣/ ٢٢٩)، شرح فتح القدير (٨/ ١١٤).
(٤) مذهب الشافعية: أن الوكيل بالخصومة من جهة المدعي، يدعي ويقيم البينة ويسعى في تعديلها، ويُحلَّف ويطلب الحكم والقضاء، ويفعل ما هو وسيلة إلى الإثبات. والوكيل من جهة المدعى عليه، ينكر ويطعن في الشهود ويسعى في الدَّفْع بما أمكنه. ولو أقر وكيل المدعي بالقبض، أو الإبراء أو قبول الحوالة، أو المصالحة على مال، أو بأن الحقَّ مؤجل، أو أقر وكيل المدعى عليه بالحق للمدعي، لم يُقْبَل، سواء أقر في مجلس الحكم، أم في غيره، كما لا يصح إبراؤه ومصالحته؛ لأن اسم الخصومة لا يتناولها، فكذا الإقرار. يُنْظَر: روضة الطالبين (٤/ ٣٢٠)، مغني المحتاج (٢/ ٢٢١).
(٥) تصحيف والصحيح شرح الجامع الصغير؛ لقاضي خان. يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٤/ ٦٩).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥١).
(٧) [ساقط] من (ج).
(٨) يُنْظَر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (٣/ ٣٤٠).