للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب (١) أنّ التوكيل بقبض الدين رسالة بالاستقراض من حيث المعنى وليس بتوكيل بالاستقراض؛ لِأَنَّهُ لابد للوكيل بقبض الدين من إضافة القبض إلى موكله بأن يقول إنَّ فلاناً وكلني بقبض ماله عليك من الدين/ كما لابد للرسول فِي الاستقراض من الإضافة إلى المرسل أن يقول: أرسلني فلان [يقول] (٢) لك أقرضني كذا بخلاف الوكيل بالاستقراض فإنّه (٣) يضيف إلى نفسه فيقول أقرضني فصحّ ما ادعينا أنّ هذا رسالة معنى والرسالة بالاستقراض جائزة ثُمَّ هذه المسألة لا تخلو إما أن لا يصدق الوكيل فِي وكالته ومع ذلك دفع الدين أو صدق [رسالته] (٤) ومع ذلك يريد أن لا يدفع أو أراد الوكيل استحلاف المديون عند إنكاره [الوكالة] (٥).

وذكر هذه المسائل فِي المَبْسُوط (٦) فقال: وإِذَا ادَّعى الرجل أنّ فلاناً وكّله بقبض دينه على هذا فلم يقر الغريم به ودفع المال إليه على الإنكار ثُمَّ أراد أن يسترده منه لم يكن له ذلك لِأَنَّهُ دفع إليه على وجه القضاء فما [لم] (٧) يتبين الأمر بخلافه لا يكون له حق الاسترداد فإنّ قاضي الدين ينقضي حقه عن المقضي به من كل وجه، ألا ترَى لو قضى الطالب بناء على دعواه لم يسترده ما لم يتبين أنَّه لا دين له عليه فكذلك إِذَا قضاه الوكيل بدعواه الوكالة وإِذَا أقرّ بالوكالة ثُمَّ أراد أن لا يدفع المال إليه فإن القاضي يقضي بالمال عليه للوكيل لما بيّنا أنّ المديون يقضي [الدين] (٨) بملك نفسه فإنّما أقر بثبوت حق القبض له فِي ملكه وذلك حجّة عليه إلا على قول ابن أبي ليلى (٩) (١٠) -رحمه الله- فإنّه يقول [لا يجبره القاضي على الدفع إليه ولكن يقول] (١١) له: أنت أعلم إن شئت فأعطه وإن شئت فاتركه؛ لِأَنَّهُ [لما] (١٢) لم يثبت كونه نائباً عن الطالب فِي حق القاضي وولاية الإجبار بعد ثبوت كونه نائباً عنه عنده ولكنّا نقول قد ثبت [ذلك] (١٣) عنده بخبر الوكيل وتصديق المطلوب إذ ليس هاهنا مكذب لهما وكُلُّ خبرٍ عند القاضي محمولٌ على الصدقِ ما لم يأتِ معارضٌ له (١٤) ولكن إِذَا حضر الطالب فأنكر الوكالة رجع على الغريم بماله؛ لِأَنَّ الوكالة لا تثبت فِي حقّ الطالب لإنكاره ولم يحكم ببراءة الغريم فِي حق الطالب أيضاً؛ لِأَنَّ حجةَ الإخْبارِ قاصرةٌ على المطلوبِ والوكيلِ [وثبوت] (١٥) الحكم بحسب الحجة [يستحلف على إيجاد الوكالة] (١٦) وإن أنكر المطلوب الوكالة فقال الوكيل استحلفه ما وكلني استحلفه على [ذلك] (١٧) فإن حلف برئ وإن نكل عن اليمين قضيت عليه بالمال للوكيل؛ لِأَنَّ [نكوله] (١٨) كإقراره ولم يصدق على الطالب حتى إِذَا أنكر الطالب ذلك كان له أن يأخذ ماله من الغريم.


(١) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٢٨٢)، وتعقبه الزيلعي بقوله: «هذا سؤال حسن، والجواب غير مخلص على قول أَبِي حَنِيفَةَ: فإنه لو كان رسولًا لما كان له أن يخاصم».
(٢) [ساقط] من (أ) و (ج).
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) [ساقط] من (أ) و (ب).
(٥) في (ج) (الوكيل).
(٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٠).
(٧) [ساقط] من (ب).
(٨) فِي (أ) (إلا من).
(٩) مُحَمَّد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى يسار، وقيل: داود بن بلال. أنصاري كوفِي. فقيه من أصحاب الرأي. ولي القضاء ٣٣ سنة لبني أمية، ثم لبني العباس. له أخبار مع أَبِي حَنِيفَةَ وغيره. مات بالكوفة (ت ١٤٨ هـ).
يُنْظَر: تهذيب الكمال (٢٥/ ٦٢٢)، سير أعلام النبلاء (٦/ ٣١٠)، والأعلام للزركلي (٦/ ١٨٩).
(١٠) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٦/ ٢٨).
(١١) [ساقط] من (ج).
(١٢) [ساقط] من (ج).
(١٣) [ساقط] من (أ) و (ج).
(١٤) يُنْظَر: المحصول للرازي (٤/ ٦٢٨).
(١٥) [ساقط] من (ج).
(١٦) [ساقط] من (أ) و (ج).
(١٧) في (ج) (ملكه).
(١٨) فِي (أ) (يكون له).