للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الخَصَّافُ (١) (٢) -رحمه الله- هذا الفصل فِي كتابه وقال: لا يحلّف المطلوب على الوكالة فِي قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٣) وفِي قولهما (٤) يحلّف على العلم وجه قولهما ظاهر فإنّه ادَّعى عليه ما لو أقرّ به لزمه فإِذَا أنكره حلّفه عليه ولكنه استحلاف على فعل الغير فيكون على العلم وأبو حَنِيفَةَ -رحمه الله- يقول: الاستحلاف يبنى على صحة الدعوى وما لم يثبت كونه نائباً عن الآمر لا يصح دعواه على المطلوب فلا يكون له أن يحلفه وهذا نظير الاختلاف فيما إِذَا ادَّعى المشتري عيب الإباق فِي العبد للحال وجحده البائع أنه عندهما يحلف البائع على العلم وعند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- لا يحلّف؛ لِأَنَّ الخصومة فِي العيب لا تكون إلا بعد ثبوته فِي الحال وبدون سبب الخصومة لا يستحلف، وإن أقرّ المطلوب بالوكالة وأنكر الدين فعلى قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- يستحلف المطلوب [وعندهما] (٥) لا يستحلف؛ لِأَنَّ الوكيل بقبض الدين عنده يملك الخصومة وقد تثبت الوكالة بإقراره فِي حقه (فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَصَدَّقَهُ) أي: حضر رب الدين [فصدَّق الوكيل كان ما دفع المديون إلى الوكيل قضاء لدينه (وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ ثَانِيًا) (٦) أي: وإِذَا لم يصدقه رب الدين] (٧) وجب على المديون دفع الدين إلى رب الدين ثانياً (وَالْقَوْلُ فِي ذلك قَوْلُه) أي: قول منكر الوكالة وهو ربّ الدين لِأَنَّ الدين كان ثابتاً فالمديون يدَّعي أمراً عارضاً وهو سقوط الدين بأدائه إلى الوكيل والموكل ينكر الوكالة فكان القول قول المنكر (ويرجع به على الوكيل) أي: ويرجع المديون (فله أن ينقض قبضه) أي: فللمديون أن ينقض قبض الوكيل (لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ مُحِقٌ فِي الْقَبْضِ) (٨) أي: لِأَنَّ المديون بتصديق الوكيل كان فِي زعمه أن الوكيل محق فِي قبض الدين وإنكار رب الدين وكالته ظلم منه وكذلك طلب الدين ثانياً من المديون ظلم أيضاً (فكانا) أي: الوكيل والمديون مظلومين [فِي زعم المديون] (٩).


(١) أحمد بن عمرو، قيل: عمر بن مهير، قيل: مهران أبو بكر الشَّيْبَانِي الخصاف الفقيه المحدث، له من المصنفات: الحيل، الشروط الكبير والصغير، الرضاع، غير ذلك، (ت ٢٦١ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (١/ ٢٣٠)، الطبقات السنية (١/ ١٢٣)، تاج التراجم (٩٧).
(٢) يُنْظَر: شرح أدب القاضي للخصاف (٢/ ١٦٠ - ١٦١).
(٣) يُنْظَر: تحفة الفقهاء (٣/ ٢٢٩)، البحر الرائق (٧/ ١٨٤).
(٤) هما مُحَمَّد وأبي يُوسُف. يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٧٦)، نتائج الأفكار (٨/ ١٣٥).
(٥) [ساقط] من (ج)
(٦) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(٧) [ساقط] من (ج)
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥١).
(٩) [ساقط] من (أ) و (ج).