للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أَوْ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَفَعَلَهُ بِنَفْسِهِ) (١) أي: وكله بشراء شيء بعينه ثُمَّ اشتراه الموكل بنفسه كان ذلك عزلاً للوكيل من الوكالة.

وذكر فِي الذَّخِيرَةِ ولو أمره أن يشتري له عبدًا بعينه ثُمَّ اشتراه الآمر بنفسه ثُمَّ باعه ثُمَّ اشتراه المأمور للآمر لم يجز (فَطَلَّقَهَا [الزَّوْجُ] (٢) ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) (٣).

قيد بالثلاث وقيد بالواحدة بانقضاء العدة والمراد هاهنا ما دون الثلاث لِأَنَّهُ إِذَا وكَّله بالطلاق ثُمَّ طلّقها الموكل تطليقة واحدة أو ثنتين بائنةً أو رجعيةً فإنّه يطلقها الوكيل مادامت فِي العدة.

وأمّا إِذَا طلّقها الموكل طلاقاً ثلاثاً فلا يملك الوكيل طلاقها لا فِي العدة ولا بعدها والأصل فيه أنّ ما كان الموكل فيه قادراً على الطلاق كان وكيله أيضاً قادراً على الطلاق وما لا فلا.

وذكر فِي المَبْسُوط (٤) وإن وكَّله أن يطلقها ثُمَّ طلّقها الزوج أو خالعها فإنّ طلاق الوكيل يقع عليها مادامت فِي العدة لِأَنَّ المملوك للزوج من الطلاق محصور بالعدد فلا يتغير ما أوقعه الزوج بما فوّضه إلى الوكيل ولكن ما بقي الزوج مالكاً لإيقاع الطلاق عليها فبقي الوكيل على وكالته [وبعد الخلع مادامت فِي العدة يملك الزوج إيقاع الطلاق عليها فبقي الوكيل على وكالته] (٥) أيضاً وإن انقضت عدتها لم يقع طلاق الوكيل عليها بعد ذلك؛ لِأَنَّ الزوج خرج من أن يكون مالكاً للإيقاع عليها بعد انقضاء العدة فتبطل الوكالة.

وكذلك أن يزوّجها بعد ذلك لِأَنَّ تمكن الزوج من الإيقاع بالسبب المتجدد والوكالة لم تتناوله فلا تعود الوكالة باعتباره وعلى هذا لو ارتدت أو ارتدّ الزوج فإن طلاق الوكيل يقع عليها فِي العدّة لبقاء تمكن الزوج من الإيقاع وإن لحق بدار الحرب مرتدًا فذلك بمنزلة موته/ فلا يقع عليها طلاق الوكيل بعد ذلك.

وفِي الذَّخِيرَةِ إِذَا وكَّل الرجل رجلاً أن يطلّق امرأته ثُمَّ طلّقها الزوج بنفسه قبل طلاق الوكيل فهذا لا يكون عزلاً للوكيل ويقع طلاق الوكيل عليها [ثانياً مادامت فِي العدّة وبعدما انقضت العدة لا يقع طلاق الوكيل عليها] (٦) تزوجها الزوج أو لم يتزوج وفِي آخر وكالة شرح القُدُورِي (٧) -رحمه الله- إِذَا وكَّل الرجل غيره بالطلاق ثُمَّ طلّق الموكل بنفسه خرج الوكيل عن الوكالة وهذا محمول على أن الموكل طلّق ثلاثاً أو انقضت العدة؛ لِأَنَّهُ لم يبق هناك طلاق يقع بتصرف الوكيل، أمّا إِذَا طلق واحدةً وهي فِي العدة فتصرف الوكيل غير متعذّرٍ بأن يوقع الباقي وكذلك لو قال له اخلعها [ثُمَّ خلعها] (٨) الآمر خرج الوكيل عن الوكالة؛ لِأَنَّ الخلع بعد الخلع لا يصح فيتعذّر التصرف على الوكيل (فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ) قيد بقضاء القاضي فِي الردّ على البائع بالعيب؛ لِأَنَّ الموكل إِذَا قبله بالعيب بعد البيع بغير قضاء قاضٍ (فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ مَرَّةً أُخْرَى) (٩) بالإجماع (١٠) وذكر مسألة الرد بقضاء القاضي فِي العيب من غير خلاف فِي جواز البيع للوكيل فِي المَبْسُوط (١١) ووضع المسألة فِي الأمة فقال ولو باعها الوكيل أو الآمر ثُمَّ رُدت بعيب بقضاء قاضٍ فللوكيل أن يبيعها؛ لِأَنَّ الرد بالعيب بقضاء قاضٍ فسخ من الأصل وعادت إلى قديم ملك الموكل وانتقاضُ الوكالة كان حكمًا لزوال ملك الموكل فإِذَا عاد ملكه عادت الوكالة وكذلك لو كان الرد بخيار شرط كان للبائع أو للمشتري [لرده] (١٢) بفساد البيع أو بخيار الرؤية؛ لِأَنَّ هذه الأسباب تفسخ العقد من الأصل وإن قبلها الموكل بالعيب بغير قضاء قاضٍ بعد قبض المشتري لم يكن للوكيل أن يبيعها وكذلك إن تقايلا البيع فيها؛ لِأَنَّ هذا السبب كالعقد المبتدأ فِي حق [غير] (١٣) المتعاقدين والوكيل غيرهما فكان فِي حق الوكيل كأن الموكل اشتراها ابتداء وكذلك إن رجعت إلى الموكل بميراث أو هبة أو غيره بملك جديد لم يكن للوكيل بيعها لِأَنَّ الوكالة تعلّقت بالملك الأوّل وهذا ملك جديد سوى الأول فلا يثبت فيه حكم الوكالة إلا بتجديد توكيل من المالك.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٣).
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٢٢٧).
(٥) [ساقط] من (ج)
(٦) [ساقط] من (ج)
(٧) أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد أبو الحسين المعروف بالقُدُورِي، صنف من الكتب المختصر المشهور، شرح مختصر الكرخي، التجريد، التقريب، (ت ٤٢٨ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (١/ ٢٤٧).
(٨) [ساقط] من (ج).
(٩) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٣).
(١٠) نظر: الفتاوى الهندية (٣/ ٥٩٢).
(١١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٨٩).
(١٢) [ساقط] من (أ) و (ب).
(١٣) [ساقط] من (أ).