للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر فِي الذَّخِيرَةِ (١) ولو قبله الموكل بعد القبض بالعيب بغير قضاء فإنّه لا يعود وكيلاً؛ لِأَنَّ الردّ بعد القبض [بغير] (٢) قضاء بيع جديد فِي حق الثالث فصار فِي حق الوكيل كأن الموكّل اشتراه وهناك لا تعود الوكالة؛ لِأَنَّهُ لم يعد إلى الموكل عين ما وكّل ببيعه؛ لِأَنَّ العين تختلف حكمًا باختلاف السبب ولو أقال المشتري فليس للوكيل أن يبيعه إن كانت الإقالة (٣) بعد القبض؛ لِأَنَّهُ بمنزلة الشراء الجديد فِي حق الثالث، وكذلك إن كانت الإقالة قبل القبض؛ لِأَنَّ الأمر قد انتهى نهايته بالبيع والمقصود من البيع وهو الثمن [فإن فات] (٤) ولكن من جهة الموكل وفوات المقصود من التصرف من جهة المتصرف لا يلحق التصرف بالعدم؛ لِأَنَّ الوكالة باقية لِأَنَّ العزل لم يوجد لكن بخروج العبد عن ملك الموكل تعذّر البيع على الوكيل (فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ [مِلْكِهِ]) الموكل فيه (كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ) ثانياً كما لو باعه الوكيل ورد عليه بعيب كان له أن يبيعه ثانياً كذا فِي التتمة (٥)؛ (لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الرُّجُوعِ) [أي: الواهب مختارٌ فِي الرجوع] (٦) (فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلُ عَدَمِ حَاجَةِ) الواهب إلى الهبة.

وذكر فِي التتمة (٧) ولو لم يبعه الموكل ولكن باعه الوكيل ثُمَّ رُدّ عليه بعيب بقضاء فهو على وكالته ولو وكّله بأن يهب عبده فوهبه الوكيل ثُمَّ رجع الموكل فِي هبته (لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَهَبَهُ مَرَّةً أُخْرَى) (٨) قال مُحَمَّد -رحمه الله-: ولا يشبه الهبة البيع؛ لِأَنَّ الوكالة بالبيع لا تنقضي بمباشرة البيع لِأَنَّ الوكيل بعدما باع يتولي حقوق العقد ويتصرف فيها بحكم الوكالة فإِذَا انفسخ البيع والوكالة باقيةٌ جاز له أن يبيعها ثانياً بحكمها، أما الوكالة بالهبة فتنقضي بمباشرة الهبة حتى لا يملك الواهب الرجوع ولا يصح تسليمه فإِذَا رجع فِي هبته فقد عاد إليه العبد ولا وكالة فلا يتمكن الوكيل من الهبة ثانياً والله أعلم بالصواب.


(١) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٣/ ٤٧٣).
(٢) [ساقط] من (ج).
(٣) الْإِقَالَةُ شرعاً: رفع البيع أو رفع العقد. ينظر: اللباب في شرح الكتاب (ص ١٢٥).
(٤) في (ج) (وان كانت).
(٥) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٦/ ٣٩).
(٦) [ساقط] من (أ) و (ج).
(٧) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٢٩٠).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٣).