للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وفي العقار لا يكتفي بذكر المُدَّعَى وتصديق الْمُدَّعَى عليه أنه في يده) (١).

وفي المَبْسُوط (٢) وإذا تنازع رجلان في دار كل واحد منهما يدَّعي أنَّها في يده فعلى كل واحدٍ البينة؛ لأنَّ دعوى اليد مقصودة، كما أن دعوى الملك مقصودة لأنَّه باليد يتوصَّل إلى الانتفاع بالملك والتصرف فيه فإن أقام كل واحد منهما البينة أنَّها في يده جُعِلَ في يد كل واحد منهما نصفها؛ لتعارض البينتين وتساويهما، والمساواة في سبب الاستحقاق توجب المساواة في الاستحقاق.

فإذا كان المُدَّعَى قابلاً للاشتراك يقضي لكل واحد منهما بالنصف لمعنى الضيق والمزاحمة في المحل، فإن أقام أحدهما البينة أنها له قضي بها له؛ (٣) لأنَّه استحق الملك بالبينة فيما في يد صاحبه ولم يقابله صاحبه بمثله، ولا منافاة بين القضاء باليد لصاحبه والملك له بالبينة.

وقد كان أصحابنا يقولون إذا قال الْمُدَّعِي: هذا الشيءُ مِلْكِي وفي يدي لم يسمع القاضي دعواه (٤)، وقال له: إذا كان ملكك فماذا تطلب مني؟ تأويل [تلك] (٥) المسألة أنَّ الخصم لا يدَّعي اليد لنفسه فلهذا قَبِلَ دعوى الْمُدَّعِي على اليد والملك وقضى بها له عند إقامة البينة.

وذكر الخَصَّافُ (٦) -رحمه الله- أنَّ من ادَّعى داراً في يد غيره أنَّها له وأقام البينة فما لم يشهد الشهود أنّها في يد الْمُدَّعَى عليه لا تُقْبَلُ بينته؛ لجواز أن يكونا تَوَاضَعَا في محدود [في يد ثالث على أن يدَّعيه أحدهما ويقر الآخر بأنَّه] (٧) في يده ويقيم البينة عليه بذلك، وهو في يد غيرهما.

ولكن تأويل المسألة أنَّ الخصم الآخر لم يثبت يده بالبينة وهاهنا قد أثبت كل واحد منهما يده بإقامة البينة؛ فلهذا قبلنا بينة أحدهما على صاحبه بإثبات الملك له وإنْ [شرط] (٨) لم يُقِمْ لها بينة على اليد وطلب كُلُّ واحد منهما يمين صاحبه ما هي في يده، فعلى كل واحد منهما أن يحلف البتَّة ما هي في يد صاحبه؛ لأنَّه لو أقرَّ لصاحبه ما ادَّعى لزمه في حقِّه فإذا أنكر يُحَلَّفُ عليه، وإذا حَلَفَ لم يجعلها القاضي في يد واحد منهما؛ لأنَّ حجة القضاء باليد لم تقم لواحد منهما لكن يمنعهما من المنازعة والخصومة من غير حجة، فأيُّهما نكل عن اليمين لم يجعلها في يده؛ لأنَّ صاحبه قد حلف ولم يجعلها في يد الذي حلف بنكول هذا الناكل أيضاً لجواز أن يكون في يد الثالث كونهما تواضعا للتلبيس على القاضي، ولكن يمنع الناكل عن منازعة الآخر؛ لأنَّ نكوله حجة [عليه] (٩)، فإن وجدها في يد آخر لم ينزعها من يده بالذي أنفذه بين هذين؛ لأنَّ نكولهما ليس بحجة على غيرهما والقضاء بحسب الحجة (١٠).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٦).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ٦٣).
(٣) [قضيت بها له] تكررت في (أ).
(٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ٦٣).
(٥) [ساقط] من (أ).
(٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ٦٤).
(٧) [ساقط] من (ج).
(٨) [ساقط] من (ب) و (ج).
(٩) [ساقط] من (أ).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٦/ ٢٧٠).